كتاب أهمية دراسة السيرة النبوية للمعلمين

وشرع صيام رمضان في السنة الثانية من الهجرة بعد أن مرت مشروعيته بمراحل (1) فكان في ذلك مجال لتعليم أصحابه فضل الصوم وأحكامه. فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تبارك وتعالى فرض صيام رمضان عليكم، وسننتُ لكم قيامه، فمن صامه وقامه احتساباً، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه" (2) .
وأيضاً ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابياً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة قال: "تعبد الله، ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة
__________
(1) المرحلة الأولى: الأيام المعدودات، كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ َيَّاماً مَعْدُودَاتٍ} [البقرة:183-184] . والأيام المعدودات قيل: هي الاثنين والخميس، وقيل: الأيام البيض، وهي ثلاثة أيام من كل شهر وقيل: غير ذلك.
المرحلة الثانية: التخيير بين الصيام أو الإطعام كما في قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:184] .
المرحلة الثالثة: وجوب صيام شهر رمضان على كل مسلم، حتماً إلا من كان له عذر قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ} [البقرة: 185] .
المرحلة الرابعة: التخفيف على المسلمين، فقد كان الصوم يبدأ بأول نومة بعد صلاة العشاء، ويبقى الصائم ممسكاً بقية الليل، واليوم الذي يليه كله حتى تغرب الشمس فشق ذلك على المسلمين، فخفف الله عنهم ذلك، وأباح لهم في ليالي رمضان كلها الأكل والشراب والجماع وذلك كما في قوله تعالى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] . انظر " أيام رمضان " للدكتور صالح الزيد.
(2) مسند الإمام أحمد (1/191) عن عبد الرحمن بن عوف (جـ3/127) برقم (1660) وقال الشيخ شاكر: إسناده صحيح.

الصفحة 26