كتاب مفتاح طريق الأولياء

فصل
اعلم يا أخي أنَّ أمامَنا وأمامَك يوم يشيبُ فيه الوليد، وتضعُ كُلَّ ذات حملٍ حملها، وترى الناس سُكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، يوم تظهر فيه المُخبئات، وتبدو فيه المكتتمات، ويسأل الله عبده عن عُمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن مالِهِ من أين اكتسبه، وفيما أنفقه (¬1)؟
وسُعِّرت النيران لأهل الوعيد، قال الله تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق:31 - 35]، ذلك والله يوم يفرح فيه العاملون، ويخيبُ فيه المُبْطِلون، وتوفى كل نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون.

فصل
فإن أردت أيُّها الأخ النَّجاة من هوْل ذلك اليوم فاستعدَّ له بالتقوى، وحفظ الجوارح عن جميع ما حرَّمَهُ الله تعالى، والقيام بجميع ما أَمرك الله به من الحقوق المدوَّنة في كتب الفقه من الحلال والحرام، والحدود والأحكام؛ بحيث لا يبقى عليك في الشَّريعة مطالبةٌ، ولا يبقى في ذمتك صلاة فائتةٌ، ولا صوم فائتٌ
¬__________
(¬1) الذي ذكره المؤلف هو نص حديث: أخرجه الترمذي (2416)، والبيهقي في "شعب الإِيمان" (1784) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه وحسنه الحافظ المنذري في "الترغيب" (1/ 170).

الصفحة 30