كتاب عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر

وقدح فيها برجال في أسانيدها من رجال الصحيحين أو أحدهما وذلك تناقض يخالف المبدأ الذي رسمه لنفسه وهو قوله: "ولا تقولن مثل ذلك ربما يتطرق لرجال الصحيحين"، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على صحة ما ذكره عنه الشيخ أحمد شاكر حيث قال: "أما ابن خلدون فقد قفا ما ليس به علم واقتحم قحما لم يكن من رجالها"، ومما أورده من الأحاديث وقدح فيه برجال هم من رجال الصحيحين أو أحدهما قوله: وخرج الحاكم في المستدرك عن علي رضي الله عنه من رواية أبي الطفيل عن محمد بن الحنفية قال كنا عند علي رضي الله عنه فسأله رجل عن المهدي فقال له: "هيهات ثم عقد بيده سبقا فقال ذلك يخرج في آخر الزمان إذا قال الرجل الله الله قتل إلى آخر" الحديث قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، انتهى ثم قال ابن خلدون "وإنما هو على شرط مسلم فقط فإن فيه عمار الدهني ويونس بن أبي اسحاق لم يخرج لهما البخاري وفيه عمرو بن محمد العنقري ولم يخرج له البخاري احتجاجا بل استشهادا مع ما ينضم إلى ذلك من تشيع عمار الدهني وهو وإن وثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي وغيرهم فقد قال علي ابن المديني عن سفيان إن بشر ابن مروان قطع عرقوبية قلت في أي شيء قال في التشيع" انتهى وهؤلاء الثلاثة الذين قدح في الحديث من أجلهم من رجال مسلم، وذلك مناقض للخطة التي رسمها أولا كما هو واضح.
الخامسة: أن ابن خلدون نفسه قد اعترف بسلامة بعض أحاديث المهدي من النقد حيث قال بعد إيراد الأحاديث في المهدي: "فهذه جملة الأحاديث التي خرجها الأئمة في شأن المهدي وخروجه آخر الزمان وهي كما رأيت لم يخلص منها من النقد إلا القليل والأقل منه" انتهى وأقول إن القليل الذي يسلم من النقد يكفي للإحتجاج به ويكون الكثير الذي لم يسلم عاضدا له ومقويا على أنه قد سلم الشيء الكثير كما تقدم ذلك في حكاية كلام القاضي محمد بن علي الشوكاني الذي حكى تواترها وقال إن فيها خمسين حديثا فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، ثم إنه في آخر البحث ذكر ما يفيد تردده في أمر المهدي وذلك يفيد عدم ثبات رأيه لكونه تكلم فيه بما ليس بإختصاصه.
هذه بعض الملاحظات على كلام ابن خلدون في شأن المهدي سأستوفي الكلام فيها مع ملاحظات أخرى عليه في الرسالة التي أنا بصدد تأليفها في هذا الموضوع إن شاء الله تعالى.
وقد اطلعت على رسالة لأبي الأعلى المودودي اسمها "البيانات" تكلم فيها عن ظهور المهدي لاحظت فيها أمور لا يتسع الوقت لاستيفائها جميعها ولكني أشير إلى ثلاثة منها.
الأول: في قوله: "والأحاديث في هذه المسألة على نوعين أحاديث فيها

الصفحة 155