كتاب عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر

الصراحة بكلمة المهدي وأحاديث إنما أخبر فيها بخليفة يولد في آخر الزمان ويعلي كلمة الإسلام وليس سند أي رواية من هذين النوعين من القوة حيث يثبت أمام مقياس الإمام البخاري لنقد الروايات فهو لم يذكر منها أي رواية في صحيحه وكذلك ما ذكر منها الإمام مسلم إلا رواية واحدة في صحيحه ولكن ما جاءت فيها أيضا الصراحة بكلمة المهدي" انتهى، أقول: إن أحاديث المهدي وإن لم ترد في الصحيحين بالتفصيل الذي جاء في غيرهما فعدم ورودها فيهما لا يقدح فيها لما كانت قد ثبتت في غيرهما ومعلوم أن غير الصحيح من السنن والمسانيد والأجزاء فيها الصحاح والحسان والضعاف وعلماء الحديث قد قبلوها واحتجوا بها واعتقدوا موجبها.
وكتب الأصول والفروع مملوءة من الأحاديث الصحيحة في غير الصحيحين يوردونها للاستدلال بها وبهذه المناسبة أرى أن أذكر بعض الأحاديث التي وردت في السنن والمسانيد وغيرهما والتي يستدل بها في كتب العقائد وذلك على سبيل التمثيل:
1- الحديث المشتمل على العشرة المبشرين في الجنة رضي الله عنهم فإنه في السنن ومسند الإمام أحمد وغيره وليس في الصحيحين ومع ذلك اعتقدت الأمة موجبه وقل أن يوجد مؤلف في العقائد ولو كان مختصرا إلا وهو متضمن التنصيص على ذكرهم والشهادة لهم بالجنة بناء على الأحاديث الواردة فى ذلك فى غير الصحيحين كما أن هناك أناسا آخرين من الصحابة شهد لهم بالجنة لكن اختص هؤلاء بلفظ العشرة لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمعهم في حديث فقال: " أبو بكر في الجنة وعمر فى الجنة وعثمان فى الجنة وعلي في الجنة وطلحة فى الجنة والزبير بن العوام فى الجنة وعبد الرحمن بن عوف في الجنة وسعد بن أبي وقاص في الجنة وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل فى الجنة وأبو عبيده بن الجراح في الجنة" وقد وردت الشهادة لبعضهم في الجنة في الصحيحين لكن الجمع بينهم جميعهم إنما جاء في غير الصحيحين رضي الله عنهم وأرضاهم وحشرنا في زمرتهم وثبتنا على السنة حتى نلحق بهم.
2- الحديث الدال على أن نسمة المؤمن طائر يعلق في الجنة لم يرد في الصحيحين وقد اعتقد الناس موجبه واستدلوا به وأورده شارح الطحاوية وغيره وقد أورده ابن كثير في تفسيره لقوله: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً} فقال: "وقد روينا في مسند الإمام أحمد بن حنبل حديثا فيه البشارة لكل مؤمن بأن روحه تكون في الجنة تسرح فيها من النضرة والسرور وتشاهد ما أعد الله لها من الكرامة وهو بإسناد صحيح عزيز عظيم اجتمع فيه ثلاثة من الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتبعة فإن الإمام أحمد رحمه الله رواه عن محمد بن إدريس الشافعي

الصفحة 156