كتاب محب الدين الخطيب
محب الدّين الْخَطِيب لمحات من حَيَاته وقبسات من أفكاره
بقلم الشَّيْخ: ممدوح فخري الْمدرس بكلية الدعْوَة وأصول الدّين
فِي بقْعَة من أجمل بقاع الْقَاهِرَة، فِي جَزِيرَة الرَّوْضَة السابحة فِي النّيل الهادئ، كَانَ يُقيم ذَلِك الراحل الْعَظِيم محب الدّين الْخَطِيب الَّذِي تناقلت الصُّحُف نعيه فِي الْأُسْبُوع الْمَاضِي, أجل لقد مَاتَ محب الدّين ذَلِك الْكَاتِب الْكَبِير والمفكر الْجَلِيل والعالم الْمُحَقق. وَالْمُسلم الغيور على عقيدته وتراثه وَأمته، فرحمه الله وَطيب ثراه وَجعل الْجنَّة متقلبه ومثواه.
فِي تِلْكَ الجزيرة الجميلة وَفِي الأعوام الْأَخِيرَة من عمره الْمُبَارك الميمون كَانَ لي الشّرف التعرف على ذَلِك الْمُسلم الْعَظِيم الَّذِي كنت قد قَرَأت لَهُ وَعنهُ قبل لِقَائِه فَعظم فِي عَيْني وسما فِي نَفسِي وَوجدت لدي الرَّغْبَة الْعَظِيمَة فِي التعرف عَلَيْهِ والالتقاء بِهِ، وَكَانَ ذَلِك أثْنَاء دراستي فِي الْجَامِع الْأَزْهَر حَيْثُ تشرفت بزيارته فِي مكتبته الْكَبِيرَة فِي شَارِع الْفَتْح فِي الرَّوْضَة فِي ذَلِك الْحَيّ الهادئ الحالم، وَبَين أكداس وتلال من الْكتب وَخلف نظارته الساقطة على أَنفه وَتَحْت طربوشه الْأَحْمَر وَفِي جلبابه الْأَبْيَض كَانَ يجلس محب الدّين وعَلى محياه معالم الثَّمَانِينَ الَّتِي قَضَاهَا فِي جِهَاد دَائِم بقلمه وَلسَانه وَقَلبه وَيَده. وَكَانَت زِيَارَة مباركة تِلْكَ الَّتِي تلتها زيارات شبه دورية لسنوات أقمتها هُنَاكَ. وَكَانَ على أثر ذَلِك أَن توثقت بِهِ صَلَاتي وَكَثُرت لَهُ زياراتي، وعدت من ذَلِك كُله بحصيلة مباركة من توجيهاته الْقيمَة وإرشاداته السديدة وتجاربه الْكَثِيرَة خلال عمره المديد
الصفحة 141
208