كتاب العبرة في شهر الصوم

أيام الصيام التي قال الله تعالى عنها في الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به"، إذا انتهت هذه الأيام جاءت أيام الحج الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه " رواه البخاري ومسلم وغيرهما. وقال عنه صلى الله عليه وسلم: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" رواه البخاري ومسلم وغيرهما، فلا يكاد المسلم يودع موسماً من مواسم الآخرة إلا استقبل موسماً آخر ليكون على صلة مستمرة بعبادة خالقه وبارئه الذي أوجده من العدم وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة.
العبرة من شهر الصوم
مدخل
...
العبرة من شهر الصوم:
وهذا الموسم المبارك من مواسم الآخرة قد ودعته الأمة الإسلامية منذ أيام فطوبى لمن وفقه الله فيه للأعمال الصالحة وتفضل عليه بقبولها ويا خسارة من مرت به أيامه دون أن يقدم فيها لنفسه صالحاً يلقاه إذا غادر هذه الدار وما أعظم مصيبته إن كان قد شغل أيامه بما يرضي الشيطان ويتفق مع ما تهواه النفس الأمارة بالسوء، والعياذ بالله.
وهذا الموسم العظيم الذي مرت بنا أيامه يشتمل على فوائد جمة وعلى عبر وعظات تبعث في النفس محبة الخير ودوام التعلق بطاعة الله كما تكسب النفس بغض المعصية والبعد من الوقوع فيما يسخط الله عز وجل.
وسأحاول فذ هذه الكلمات تسجيل بعض تلك العبر والعظات التي يخرج بها المسلم معه من شهر الصيام والتي هي الحصيلة الطيبة له في تلك الأيام المباركة فأقول مستمداً من الله التوفيق والتسديد:
أولا:
إن أيام شهر رمضان إذا مرت بالمسلم فهي فرصة من فرص العمر قد تسنح له هذه الفرصة مرة أخرى أو أكثر وقد يوافيه الأجل المحتوم قبل بلوغ ذلك، والمهم في الأمر أن تكون هذه الفرصة قد انتهزت بشغلها في الطاعة والبعد من المعصية وأهم من ذلك أن تحصل المداومة على ذلك فإن من ثواب الحسنة الحسَنة بعدها كما أن من

الصفحة 33