كتاب الإسلام والمذاهب الإشتراكية
لا يتوجهوا في طلب جلب النفع ودفع الضر إلا إليه ولا يتخذوا من دونه ولياً ولا نصيراً واقتصر في الاستدلال على ذلك بآيتين في سورة فاطر وآيتين في سورة الأحقاف، ففي سورة فاطر قال تعالى بعد ذكر دلائل ربوبيته: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ, إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} فأخبر سبحانه أن كل من يدعى من دونه كيف ما كانت مرتبته لا يملك للداعي شيئاً من نفع أو ضر وأن غيره لا يسمع دعاء الداعين ولو سمع لم يقدر على إجابتهم ولا إسعافهم بشيء مما طلبوا وإن المدعوين من دونه سواء أكانوا ملائكة أم رسلاً أم صالحين أم غيرهم سيكفرون يوم القيامة بدعاء من دعاهم في الدنيا وسمى دعاءهم شركاً ومعنى يكفرون يتبرأون.
وفي سورة الأحقاف: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ، وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} فأخبر سبحانه أنه لا أضل ولا أبعد عن الحق ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب لهم إلى يوم القيامة وهو أي المدعو غافل عن دعاء الداعي إن كان من الأنبياء والصالحين فهو مشغول بما أعد الله له من الكرامة والنعيم، وإن كان من الطالحين فهو مشغول بما أعد الله له من العذاب الأليم وإذا حشر الناس يوم القيامة وعلم المدعوون بدعاء الداعين لهم كانوا لهم أعداء وكفروا بدعائهم وسماه الله عبادة وكذلك سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبادة في الحديث الصحيح: "الدعاء هو العبادة"، وفي حديث آخر: "الدعاء من العبادة". رواهما الترمذي. وأما الأحكام فقد أحل الإسلام جميع الطيبات ولم يحرم منها شيئاً قال تعالى في سورة الأعراف: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} وحرم الخبائث كلها ولم يبح منها شيئاً ومنها الخنزير والميتة والدم والخمر وكل مفسد للعقل الذي هو أعظم نعمة أنعم الله بها على البشر وأكل الربا والغصب والسرقة والغش والنجش وهو الاحتيال في البيع والقذف وهو
الصفحة 7
160