كتاب الأسماء والصفات نقلا وعقلا

الْمَتِينُ} {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} . ووصف بعض المخلوقين بصفة الرزق قال: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْه} ، {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا} ، {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنّ} . ولا شك أن ما وصف الله به من هذا الفعل مخالف لما وصف به منه المخلوق كمخالفة ذات الله لذات المخلوق. ووصف نفسه جل وعلا بصفة الفعل الذي هو العمل قال: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ} . وصف المخلوقين بصفة الفعل التي هي العمل قال: {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} . ولا شك أن ما وصف الله به المخلوق مخالف له كمخالفة ذات الخالق لذات المخلوق.
وصف نفسه بأنه يعلّم خلقه: {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الإنْسَان عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} ، {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} ، {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً} . ووصف بعض خلقه بصفة الفعل التي هي التعليم أيضاً قال: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَاب} وجمع المثالين في قوله: {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} .
ووصف نفسه جل وعلا بأنه ينبّيء ووصف المخلوق بأنه ينبّيء. وجمع بين الفعل في الأمرين في قوله جل وعلا: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} .
ولا شك أن ما وصف الله به نفسه من هذا الفعل مخالف لما وصف به منه العبد كمخالفة ذات الخالق لذات المخلوق ووصف نفسه بصفة الفعل الذي هو الإيتاء قال: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ} {وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَه} . ووصف المخلوقين بالفعل الذي هو الإيتاء قال: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارا} ، {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} .
ولا شك أن ما وصف الله به من هذا الفعل مخالف لما وصف به العبد

الصفحة 15