كتاب محاسن الشريعة ومساويء القوانين الوضعية
التطبيق الْفعْلِيّ لكَمَال الشَّرِيعَة
مدْخل
...
وَمن النَّاحِيَة الفعلية للشريعة نجد فِي مقاصدها الْبُرْهَان الْقَائِم على ذَلِك للأن جَمِيع حكماء الْعَالم يَقُولُونَ مَقَاصِد الْعُقَلَاء فِي أَمريْن: جلب النَّفْع وَدفع الضّر..
والشريعة جَاءَت بتحقيق هذَيْن المطلبين وزادت مطلبا ثَالِثا: وَهُوَ الْحَث على مَكَارِم الْأَخْلَاق ومحاسن الْعِبَادَات.
جلب الْمَنَافِع: فَمن جلب الْمَنَافِع إِبَاحَة جَمِيع مَا فِي الأَرْض وتسخير كل الْقُوَّة لخدمة الْإِنْسَان وَالْقَاعِدَة فِي ذالك عِنْد الْفُقَهَاء: الأَصْل فِي الْأَشْيَاء الْإِبَاحَة حَتَّى يَأْتِي الْحَضَر. وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} – {اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} . {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} ..
وَقد شرعت الْعُقُود لتناول هَذِه الْمَنَافِع من بيع وإيجار وَشركَة وَغير ذَلِك مِمَّا يجلب النَّفْع على الْفَرد وعَلى الْجَمَاعَة..وأقيمت على أسس قويمة وَلم تتْرك لتراضي الْمُتَعَاقدين حسب أهوائهم بل لاضرر وَلَا ضرار. وَالْغُرْم بالغلم وكل شَرط لَيْسَ فِي كتاب الله فَهُوَ بَاطِل وَإِن كَانَ مائَة شَرط، لاكما يَقُول المقننون: (العقد شرعة الْمُتَعَاقدين) . لِأَن العقد أَحْيَانًا يكون بَين قوي وَضَعِيف أَو غَنِي وفقير فَيَقَع الحيف....
أمادفع المضار
...
أما دفع المضار: فقد دفعت عَمَّا يُسمى بالضروريات بِقصد حمايتها وَهِي الضروريات لكل مُجْتَمع وَقد جَاءَت جَمِيع الْأَدْيَان بحمايتها لِأَنَّهُ لاحياة بِدُونِهَا وَلَا اسْتِقْرَار وَلَا أَمن وَلَا طمأنينة وَهِي:
1 - الْأَدْيَان 2 - الْأَنْفس 3 - الْعُقُول 4 - الْأَنْسَاب 5 - الْأَعْرَاض 6 - الْأَمْوَال.
الصفحة 23
144