كتاب محاسن الشريعة ومساويء القوانين الوضعية
وقصة العسيف الَّذِي زنا بِامْرَأَة من يعْمل عِنْده فَأتيَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَحدهمَا يَا رَسُول الله أقض بَيْننَا بِكِتَاب الله وَقَالَ الآخر وَهُوَ أفقههما: أجل فَاقْض بَيْننَا بِكِتَاب الله وَأذن لي فِي أَن أَتكَلّم فَقَالَ: تكلم. قَالَ: إِن ابْني كَانَ عسيفا على هَذَا فزنى بامرأته فَأخْبرت أَن على ابْني الرَّجْم، فَافْتَدَيْت مِنْهُ بِمِائَة شَاة وبجارية لي ثمَّ إِنِّي سَأَلت أهل الْعلم فَأَخْبرُونِي أَن مَا على ابْني جلد مائَة وتغريب عَام. وأخبروني إِنَّمَا الرَّجْم على امْرَأَته. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "أما وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لأقضين بَيْنكُمَا بِكِتَاب الله. أما غنمك وجاريتك فَرد عَلَيْك وَجلد ابْنه مائَة جلدَة وغربة عَام ". وَأمر أنيس الْأَسْلَمِيّ أَن يَأْتِي امْرَأَة الآخر فَإِن اعْترفت رَجمهَا فَاعْترفت فرجمها. فَمَا كَانَا إِلَّا مستفتيان. وَقد أخبرا من قبل مجيئهما الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسألا أهل الْعلم لمعْرِفَة الْحق وَفِي الْأَمْوَال كَذَلِك. كَمَا فِي حَدِيث الرجلَيْن اللَّذين اخْتَصمَا فِي مَوَارِيث بَينهمَا درست معالمهما وَلَا بَيِّنَة عِنْدهمَا فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنكُمْ تختصمون إِلَيّ فأقضي لكم على نَحْو مَا أسمع فَلَعَلَّ أحدكُم أَلحن بحجته من صَاحبه فَمن قضيت لَهُ شَيْئا من حق أَخِيه فَلَا يَأْخُذهُ فَإِنَّمَا أقطع لَهُ قِطْعَة من النَّار. فتراجع كل مِنْهُمَا وَبكى وَقَالَ: حَقي لصاحبي. فَلم يتشاحا أَو يتلاحيا وأرشدهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لإكمال اللَّازِم بأنفسهما من الاقتسام والإسهام والتسامح.
وَفِي الزَّوْجِيَّة: قَضِيَّة جميلَة زَوْجَة ثَابت بن قيس لما أَرَادَت فِرَاقه جَاءَتْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَت إِنِّي وَالله لَا أعيب عَلَيْهِ دينا وَلَا خلقا وَلَكِنِّي أكره الْكفْر فِي الْإِسْلَام. صَرَاحَة ومروءة لم تتجن عَلَيْهِ فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَدْرِينَ عَلَيْهِ حديقته؟ قَالَت بلَى وَزِيَادَة. فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وسل: أما الزِّيَادَة فَلَا. وَقَالَ لَهُ.: خُذ الحديقة وَطَلقهَا طَلْقَة. وأمرها أَن تَعْتَد عِنْد أَهلهَا. فَانْتهى الْأَمر بالسؤال وَالْجَوَاب. وَلم يلْزمه مَعَه أَي إِجْرَاء. وَنَظِير ذَلِك كثيرا.
الصفحة 34
144