كتاب محاسن الشريعة ومساويء القوانين الوضعية

الْكَمَال فِي مَنْهَج الْقَضَاء الإسلامي: أما الْمنْهَج القضائي فِي الْإِسْلَام فَهُوَ الْمِثَال الْأَعْلَى مُنْذُ صدر الْإِسْلَام لِأَنَّهُ شَمل بالعناية كل من القَاضِي _ والمقضى عَلَيْهِ _ والمقضى فِيهِ _ والمتقاضين_ وسير الْقَضَاء، أَي مَا يُسمى بأطراف الْقَضَاء أَو أَرْكَان الْقَضَاء.
أ_ أما القَاضِي فقد وضع لَهُ شُرُوطًا إِن لم تتوفر فِيهِ لَا يتَوَلَّى الْقَضَاء وَسَيَأْتِي بحثها مستوفاة إِن شَاءَ الله.
ب_ والمقضى بِهِ فَهُوَ كتاب الله وَسنة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وسل وأقضيات سلف الْأمة مِمَّن لَهُم الِاجْتِهَاد وَحقّ الِاقْتِدَاء بهم. وَقِيَاس النَّظَائِر بالأشياء.
ج_ والمتقاضون سَوَاء كَانُوا مُسلمين أَو أهل ذمَّة على تَفْصِيل سَيَأْتِي.
د_ أما سير الْقَضَاء فقد أُقِيمَت أسسه بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبَيِّنَة على من ادّعى وَالْيَمِين على من أنكر.
وَقَالَ لعَلي حِين أرْسلهُ إِلَى الْيمن إِذا أدلي إِلَيْك الْخصم فَلَا تقض لَهُ حَتَّى تسمع من الآخر فَإِنَّهُ أَحْرَى أَن يتَبَيَّن لَك الْقَضَاء.
وَضمن للْقَاضِي ارتياحه وطمأنينته أثْنَاء الْقَضَاء فَنَهَاهُ أَن يقْضِي وَهُوَ غَضْبَان أَو فِي حَالَة شَبيهَة بالغضبان من المشوشات للفكر.
وَفِي كتاب عمر رَضِي الله عَنهُ إِلَى أبي مُوسَى قَوَاعِد أساسية لمنهج الْقَضَاء فِي الْإِسْلَام لم يُوجد بعده مَا يسايره فِي مَعَانِيه وَلَا منهجه.

الصفحة 36