كتاب محاسن الشريعة ومساويء القوانين الوضعية

عوامل تدعيم القانون وبقائه: وَلما لم يكن لهَذَا القانون مَا يسانده فِي هَذِه الْبِلَاد وَكَانَ مَفْرُوضًا فرضا وَلم يسْتَند على شَيْء إِلَّا لوُجُود المستعمر رسم الخطة لتدعيمه ومساندته فَأَنْشَأَ كُلية الْحُقُوق لدراسة القانون وهيأ الْمَرَاتِب والوظائف فِي الدول لخريجيها ليتولوا زِمَام الحكم. وَأَعْلَى من شَأْنهمْ فِي الْوَظَائِف والمرتبات مِمَّا صرف النّظر إِلَيْهَا وَرغب فِيهَا، بَيْنَمَا قلل من فرص الْعَمَل أَمَام رجال الْفِقْه والشريعة وقلل من مرتباهم. حَتَّى لَا يتَّجه إِلَى تَعْلِيم الشَّرِيعَة إِلَّا ذُو العقائد القوية وَالدّين السَّلِيم رَغْبَة فِي الدّين ومرضاة لله.
الطعْن على الشَّرِيعَة: وَمن نَاحيَة أُخْرَى سلط الطعْن على الشَّرِيعَة من حَيْثُ عدم صلاحيتها للْقَضَاء وَمن ثمَّ عدم صلاحيتها للْحكم. وَقَالَ الْأُسْتَاذ سيد عبد الله أَن نقاط الطعْن هِيَ:
1 - اختفاء الْعَدَالَة وَوُجُود الفوضى وتفشي الرِّشْوَة وَعدم تَنْفِيذ الْأَحْكَام غَالِبا.
2 - تشعب الْقَضَاء الإسلامي لوُجُود الحكم بالمذاهب الْمُخْتَلفَة: الْمَالِكِي ثمَّ الشَّافِعِي وأخيرا الْحَنَفِيّ..الخ
3 - قسوة الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة كالقطع وَالرَّجم وَيَقُول الْأُسْتَاذ الشَّهِيد عبد الْقَادِر عودة إِن الَّذين يوجهون مثل هَذَا الطعْن على الشَّرِيعَة قِسْمَانِ:
قسم درس القانون وَلم يدرس الشَّرِيعَة.
قسم لم يدرس الشَّرِيعَة وَلَا القانون.
وَمثل هَؤُلَاءِ لَا يحِق لَهُم أَن يحكموا بِشَيْء على الشَّرِيعَة لعدم دراستهم إِيَّاهَا.
ثمَّ يَقُول إِن طعنهم مَبْنِيّ على قياسهم الشَّرِيعَة على القانون من حَيْثُ مبدأ التطور والتجديد فِي القانون كلما تطورت الْحَيَاة المدنية والحضارة فيرون أَن الشَّرِيعَة بِنَاء على ذَلِك يجب أَن تتطور لِأَنَّهَا مُنْذُ عهد بعيد وَفِي أوضاع مَدَنِيَّة مُخْتَلفَة.

الصفحة 43