كتاب محاسن الشريعة ومساويء القوانين الوضعية

وَالْوَاقِع أَن نفسية السَّارِق تعالج بالرفق أَو التسامح لِأَنَّهَا لَيست ذَات وفْق وَلَا يسامح. فَلَا يصلح مَعهَا إِلَّا مَا يردعها.
ثمَّ أَي فَائِدَة للدولة فِي حبس إِنْسَان تتولى الْإِنْفَاق عَلَيْهِ طيلة عمره مَعَ ضيَاع أَهله وَأَوْلَاده إِن كَانَ لَهُ أهل وَأَوْلَاد.
وَهل فِي قَتله أَو حَبسه على التَّأْبِيد علاج لمرضه أَو الْقَضَاء عَلَيْهِ حسا أَو معنى. فَأَي القضائين أرْحم لَهُ وآمن للوطن.
أما رجم الزَّانِي أَو جلده: فَلَو كَانَ لدعاة القانون عقل واعٍ لما ذَكرُوهُ فِي هَذَا السِّيَاق ولجعلوه وَلَو مُكَابَرَة مُوجبا لِلطَّعْنِ بالضعف لَا بالقسوة لِأَنَّهُ أحيط فِي الشَّرِيعَة بِشُرُوط فِي الْإِثْبَات لَا تكَاد تُوجد إِلَّا بندرة. وَمَا يثبت فِي تَارِيخ الْإِسْلَام حد الرَّجْم إِلَّا بالاعتراف. وَفِي غَايَة من الْقلَّة والندرة يُمكن عده على الْأَصَابِع وَالِاعْتِرَاف مَحْض إِرَادَة وَاخْتِيَار ورغبة فِي التطهر من آثام الْإِثْم فَهِيَ نَزعَة دينية كَرِيمَة آثر الْآخِرَة على الدُّنْيَا.
وَلَو امْتنع من الْحُضُور إِلَى القَاضِي لما طلبه وَلَو رَجَعَ عَن إِقْرَاره لما حَده. بل يدْرَأ عَنهُ الْحَد بِالشُّبْهَةِ. وَمَعَ هَذَا فالمقارنة بَين الْعَالمين الإسلامي الَّذِي يحكم كتاب الله وَسنة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ دين وَبَين الْمُجْتَمع القانوني وخاصة أرعى بِلَاد الْعَالم المتحضر فِي نظر المتمدنين بل واضعوا القانون نجد الْفرق المذهل.
أَولا: فِي أمريكا أصبح معدل الجريمة كالآتي:
أ_ جريمة قتل كل دقيقة.
ب_ جريمة سَرقَة مسلحة كل دقيقة.

الصفحة 47