كتاب مع صاحب الفضيلة والدنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله
وَقد سَأَلت فضيلته عَن هَذِه الْقِرَاءَة أهوَ قَاصد لهَذِهِ الْآيَات ومختار لَهَا أم جَاءَت عفوا، فَقَالَ حفظه الله بل عفوا فَمَا الملاحظة عَلَيْهَا؟ قلت إِنَّهَا من أغرب الصدف لِأَنَّك صليت على الشَّيْخ الْأمين رَحمَه الله بعْدهَا فَظَنَنْت أَنَّك قصدت إِلَيْهَا، وَلكنه من المناسبات الْحَسَنَة تغمد الله الفقيد برحمته وَأَسْكَنَهُ فسيح جنته إِنَّه جواد كريم رؤوف رَحِيم، كَمَا صلي عَلَيْهِ بالجامعة الإسلامية وَفِي مَسَاجِد الدوادمي.
مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى بعد أَن أَحْيَا علوماً درست، وَخلف تراثاً بَاقِيا, وربى أَفْوَاجًا متلاحقة تعد بالآلاف من خريجي كليات ومعاهد الإدارة الْعَامَّة بالرياض والجامعة الإسلامية بِالْمَدِينَةِ المنورة.
مَا مَاتَ إِلَّا بعد أَن أصبح لَهُ فِي كل دَائِرَة من دوائر الْحُكُومَة فِي أنحاء الْبِلَاد ابْنا من أبنائه، وَفِي كل قطر إسلامي بعثة من البعثات الإسلامية لمنح الجامعة الإسلامية التعليمية بِالْمَدِينَةِ المنورة.
مَا مَاتَ إِلَّا بعد أَن ترك فِي كل مكتبة وَفِي كل منزل (أضواء الْبَيَان) تبدد الظلام وتهدي السَّبِيل.
فَلَا يبعد وَلَا يغالي من يَقُول مَا مَاتَ من خلف هَذَا التراث وَأدّى تِلْكَ الرسَالَة فِي حَيَاته يبْقى أثرا خَالِدا لَهُ على مر الأجيال والقرون.
لقد أدّى رِسَالَة عظمى وانتقل إِلَى الرفيق الْأَعْلَى، ليحصد مَا زرع ويجني ثمار مَا غرس وينعم بِمَا قدم رَحمَه الله رَحْمَة وَاسِعَة.
لقد عَاشَ رَحمَه الله فِي هَذِه الْبِلَاد مُنْذُ سِنِين حِين قدم لأَدَاء فَرِيضَة الْحَج ثمَّ اعتزم الْمقَام وَعمل فِي كبريات معاهد الْعلم وجامعاته وَألف وحاضر وَلم تُكتب عَنهُ كلمة وَلم يكن يرضى بِالْكِتَابَةِ عَنهُ. لقد كَانَت أَعماله تترجم عَنهُ ومؤلفاته تعرف بِهِ حَتَّى عرفه الصَّغِير وَالْكَبِير والقاصي والداني والعالم والعامي، فَلم تكن وَفَاته رزءاً على فَرد أَو أسرة أَو جمَاعَة أَو قطر وَلَكِن على الْعَالم الإسلامي كُله.
الصفحة 23
194