كتاب مع صاحب الفضيلة والدنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله

1 - إِمَّا موَالٍ متأثر: فقد يَقع تَحت تَأْثِير العاطفة فَينْظر من زَاوِيَة وَاحِدَة، فَيُقَال فِيهِ "وَعين الرِّضَا عَن كل عيب كليلة".
2 - وَإِمَّا معاد منفعل: فَيَقَع تَحت طائلة الانفعال فَيصدق عَلَيْهِ تَتِمَّة الْبَيْت السَّابِق "كَمَا أَن عين السخط تبدي المساويا".
3 - وَإِمَّا بعيد معتدل: يرغب التقييم بميزان الِاعْتِدَال، وَمثل هَذَا قد يفوتهُ مَا لم يكن حَرِيصًا عَلَيْهِ بِدُونِ تَقْصِير.
وَمن هُنَا لم تكن كِتَابَة كَاتب عَن إِنْسَان مَا مُطَابقَة كل التطابق ومكتملة غَايَة الاكتمال.
وَقد يتحرج الأصدقاء مَخَافَة التُّهْمَة والتأثر بالألفة أَو يتَوَقَّف الْأَعْدَاء مكتفين بالإغضاء، أَو يتَرَدَّد الْآخرُونَ خشيَة التَّقْصِير، وَلِهَذَا فقد تذْهب الشخصية الفذة دون كِتَابَة عَنْهَا فيفتقده الْحَاضِرُونَ ويفقد سيرته القادمون، علما بِأَن سيرة الرِّجَال مدرسة الأجيال.
وفضيلة الْوَالِد الشَّيْخ مُحَمَّد الْأمين رَحمَه الله لَهُ شخصية متميزة وسيرة وَاضِحَة يعرفهَا كل من لقِيه أَو حضر مَجْلِسه أَو اسْتمع درسه أَو قَرَأَ كتبه أَو حَتَّى سمع عَنهُ، وَقد طبقت شهرته الْآفَاق.
وَإِن الْكِتَابَة عَن مثله رَحمَه الله لمن أشق مَا يكون لتَعَدد جَوَانِب الشخصية وانفساح مجالاته العلمية، وَالْحَال أَنه لَا مرجع لمن يكْتب عَنهُ إِلَّا الْخلطَة وَطول الْعشْرَة وتصيد الْأَخْبَار من ذويه الأخيار.
وَحَيْثُ أَن أَحَق النَّاس بِالْكِتَابَةِ عَنهُ هم تلاميذه وأبناؤه، وَإِنِّي وَإِن كنت قد أكرمني الله بِصُحْبَتِهِ وَطول ملازمته ليل نَهَار وَكَثْرَة مرافقته فِي الظعن والأسفار، دَاخل وخارج المملكة، وَسمعت مِنْهُ رَحمَه الله الشَّيْء الْكثير وَالْكثير جدا فَإِنِّي لأجدني تتجاذبني عوامل الْإِقْدَام والإحجام، فَإِذا استحضرت كل مَا سمعته مِنْهُ وتصورت كل مَا لمسته فِيهِ أجدني أَحَق النَّاس بِالْكِتَابَةِ عَنهُ.
وَإِذا تذكرت مكانته وتراءت لي مَنْزِلَته وأحسست تَأْثِيره على نَفسِي

الصفحة 25