كتاب مع صاحب الفضيلة والدنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله
الْفِقْه، وعَلى مباحثها تنطبق جلّ قَوَاعِد الْأُصُول، وَلَا يبعد من يَقُول إِن مَا بعْدهَا من السُّور يُعتبر تَفْسِيرا لَهَا أَو أَن من أتقن تَفْسِيرهَا سهل عَلَيْهِ تَفْسِير مَا بعْدهَا، وَقد كَانَت دراستها سَببا فِي تأليف كتابي دفع إِيهَام الِاضْطِرَاب، وأضواء الْبَيَان، وكل مِنْهُمَا إِثْر سُؤال وَجَوَاب.
مَعَ مَا درست من الْأُصُول ومبادئ فِي الْمنطق ودقائق فِي البلاغة وَغير ذَلِك.
لقد وجدت مِنْهُ رَحمَه الله مَا لم أَجِدهُ من غَيره على الْإِطْلَاق كَمَا وأظن أَن أحدا لم يجد مِنْهُ مَا وجدته أَنا مِنْهُ، فلئن شرفت بخدمته فَلَقَد حظيت بِصُحْبَتِهِ فجزاه الله عني أحسن الْجَزَاء.
وَإِن صَاحب مثل هَذِه العلاقة مَعَ مثل هَذِه الشخصية ليحس بثقل دُيُونه على كَاهِله ويلمس عظم الْمِنَّة تطوق عُنُقه، فَهَل أَسْتَطِيع تَوْفِيَة هَذَا الْجَانِب فَحسب فضلا عَن الجوانب الْعَامَّة الَّتِي هِيَ مَوْضُوع التَّرْجَمَة والسيرة، وَهل يَتَأَتَّى مني الإحجام عَن الْكِتَابَة وَأَنا مَدين بِمثل تِلْكَ الدُّيُون مكبل بِتِلْكَ المنن مِمَّا يَجْعَلنِي أَحَق بقول الْقَائِل:
كليني لَهُم يَا أُمَيْمَة ناصب ... وليل أقاسيه بطيئ الْكَوَاكِب
تطاول حَتَّى قلت لَيْسَ بمنقص ... وَلَيْسَ الَّذِي يرْعَى النُّجُوم بآيب
وَصدر أراح اللَّيْل عَازِب همه ... تضَاعف فِيهِ الْحزن من كل جَانب
عَليّ لعمر نعْمَة بعد نعْمَة ... لوالده لَيست بِذَات عقارب
وَلَئِن قيل:
وتجلدي للشامتين أريهمو ... أَنِّي لريب الدَّهْر لَا أتضعضع
فَإِنِّي لأقول:
وتجلدي للسامعين أريهمو ... شمس الْحَقِيقَة من سناه تطلع
وَإِنِّي مُلْزم بِالْكِتَابَةِ وَلَو تأثرت بالعاطفة فَإِنِّي مَعْذُور:
وَإِن قصرت عَن حَقه فَلَا عذر لي فِي التَّقْصِير.
الصفحة 27
194