كتاب مع صاحب الفضيلة والدنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله
وَإِنِّي لأعتبر مَا أقدمه بداية لَا نِهَايَة وَتَذْكِرَة للآخرين من حاضرين وغائبين لَعَلَّهُم يتمون مَا بَقِي، ويكملون مَا نقص.
وَإِذا كَانَت التراجم وَالسير تَنْقَسِم إِلَى ذاتية وَغير ذاتية، والذاتية هِيَ مَا يَكْتُبهَا الشَّخْص عَن نَفسه من طفولته إِلَى رجولته، ويسجل مَا جرى لَهُ وَعَلِيهِ، وَهِي أصدق مَا تكون إِن كَانَ صَاحبهَا معتدلاً أَمينا.
وَقد ترْجم بعض الْعلمَاء والفلاسفة لأَنْفُسِهِمْ مِنْهُم:
1 - ابْن سينا الْمُتَوفَّى سنة 428 كَانَت تَرْجَمته لنَفسِهِ مرجعاً لكل من كتب عَنهُ من تلاميذه.
2 - والعماد الْأَصْفَهَانِي الْمُتَوفَّى سنة 597 فِي مُقَدّمَة كِتَابه (الْبَرْق الشَّامي) .
3 - وَابْن الْخَطِيب الْمُتَوفَّى سنة 776.
4 - وَابْن خلدون، الْمُتَوفَّى 805، والسيوطي وَغَيرهم.
والترجمة غير الذاتية مَا يكْتب غَيره عَنهُ.
وَإِن مَا أقدمه فِي هَذَا المجال ليجمع بَين الْقسمَيْنِ الذاتي وَغير الذاتي لِأَنَّهُ يشْتَمل على مَا قَالَه هُوَ عَن نَفسه وسمعته مِنْهُ مُبَاشرَة، كَمَا تشْتَمل على مَا عَرفته ولمسته من حَيَاته مُدَّة صحبتي لَهُ.
وَالله أسأَل أَن يَجْعَل من سيرته خير قدوة لتلامذته، وَأَن يَجْعَل فِي ولديه خير خلف لخير سلف، وَأَن يأجرنا فِي مُصِيبَتنَا ويخلفنا خيرا مِنْهَا، ونسأله تَعَالَى أَن يتغمده بوافر رَحمته ويسكنه فسيح جنته وَأَن يجزل لَهُ الْعَطاء ويجزيه أحسن الْجَزَاء عَمَّا بذله من جهد، وَخَلفه من علم. إِنَّه جواد كريم (إِن أول مَا يبْدَأ بِهِ فِي مثل هَذَا الْمقَام لَهو الِاسْم واللقب وَالنّسب والنشأة والموطن) …الخ.
وَهَذِه تَرْجَمته رَحمَه الله كَمَا سَمعتهَا مِنْهُ مُبَاشرَة:
الِاسْم: هُوَ مُحَمَّد الْأمين، وَهُوَ علم مركب من اسْمَيْنِ وَذكر مُحَمَّد تبرك.
واللقب: آبا. بِمد الْهمزَة وَتَشْديد الْبَاء من الإباء.
الصفحة 28
194