كتاب الإنصاف في حكم الإعتكاف

رمضان على القول الأصحِّ الأشْهَرِ، وفي تعيينها اختلافٌ كثير على أكثر من أربعين قولًا (1)، بَسَطَها الحافظ ابن حجر Q(1) قوله (على أكثر من أربعين): قال الحافظ في "الفتح": وقد اختلف العلماء في ليلة القدر اختلافًا كثيرًا. قال ابن العربي: الصحيح أنَّها لا تُعلم، وأنكر هذا النووي، وقال: قد تظاهَرَت الأحاديث بإمكان العلم بها، وأخبر به جماعةٌ من الصالحين، فلا معنى لإِنكار ذلك.
وبالجملة: تَحصَّل لنا من مذاهبهم في ذلك أكثر من أربعين قولًا، كما وقع لنا نظير ذلك في ساعة الجمعة، وقد اشتركتا في إخفاء كلٍّ منها ليقعَ الجِدُّ في طلبهما.
القول الأول: أنها رُفِعَت أصْلًا ورأسًا، حكاه المتولي في "التتمة" عن الروافض، والفاكِهَانيُّ في "شرح العمدة" عن الحنفية، وكأنَّه خطأٌ منه، والذي حكاه السُّروجي أنَّه قول الشيعة.
الثاني: أنها خاصَّةٌ بسنةٍ واحدة وقعت في زمنِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حكاه الفاكِهانيُّ أيضًا.
الثالث: أنَّها خاصَّة بهذه الأمة، ولم تكن فيمن قبلهم، جَزَمَ به ابنُ حَبيب وغيرُهُ من المالكية، ونَقَله عن الجمهور صاحبُ "العمدة" من الشافعية، ورجحه.
الرابع: أنها مُمكنةٌ في جميع السَّنَة، وهو قولٌ مشهورٌ عن الحنفية، حكاه قاضي خان، وأبو بكر الرازي منهم.
الخامس: أنَّها مختصَّة برمضان، مُمكنةٌ في جميع لياليه، وهو قولُ ابن عمر، ومرويٌّ عن أبي حنيفة، وقال بِهِ ابنُ المنذر، والمحاملي، وبعض الشافعية، وَرَجَّحه السُّبْكي، وحكاه ابن الحَاجب.
السادس: أنَّها في ليلةٍ معيَّنة مُبْهمة، قاله النَّسَفي في "منظومته".
السابع: أنَّها أولُ ليلةٍ من رمضان، حكي عن أبي رَزينِ العُقيلي الصحابي، ورواه ابن أبي عاصم عن أنس. =

الصفحة 43