كتاب حكم الإسلام فيمن زعم أن القرآن متناقض

وذكر أنه ليس من المنطق - في هذا العصر - أن يفضل الذكر على الأنثى، وزعم أن هذا المبدأ، وهو التفضيل، يجد ما يبرره عندما يكون الرجل قواما على المرأة، حين كانت المرأة في مستوى اجتماعي لا يسمح لها بمساواة الذكر، حين كانت تدفن حية وتحتقر، أما اليوم فقد اقتحمت ميدان العمل، وشاركت الرجال في ذلك، وذكر أن علينا أن نتوخى طريق الاجتهاد، في تحليلنا لهذه المسألة، وأن نبادر بتطوير الأحكام التشريعية، بحسب ما يقتضيه تطوّر المجتمع، وقد سبق لنا أن حجرنا تعدد الزوجات، والاجتهاد في مفهوم الآية الكريمة، وذكر أن من حق الحكام - بوصفهم أمراء المؤمنين - أن يطوروا الأحكام بحسب تطور الشعب وتطور مفهوم العدل ونمط الحياة. انتهى المقصود من كلامه الذي نشرته صحيفة "الصباح" التونسية، ولم تشر إليه صحيفة "الشهاب" اللبنانية - فيما نقلته من الخطاب المذكور، وفي هذا التصريح الخطير أنواع من الكفر والضلال منها اتهامه الله، سبحانه، في حكمه ودعوته الصريحة للحكام إلى أن يتلاعبوا بأحكام الشريعة، حسب عقولهم، واجتهادهم، وتطور الشعوب، وأساليب الحياة في نظرهم، ولا شك أن هذا من أبطل الباطل، وفيه تشبه باليهود والنصارى في تلاعبهم بشرائع أنبيائهم وافترائهم على الله، سبحانه، ما لم يشرعه ونسبتهم إلى أحكامه – سبحانه - ما ليس منها، ومقتضى ما ذكره هذا الرجل أن الله، سبحانه، لم يعلم ما تنتهي إليه الشعوب في آخر الزمان وما ستصل إليه مجتمعاتهم من التطور، فلهذا دعا الحكام إلى أن يبادروا إلى تطوير الأحكام، ومن المعلوم - بالأدلة القطعية من الكتاب والسنة وإجماع الأمة - أن الله سبحانه يعلم ما كان وما سيكون، ويعلم أحوال عباده، في ماضيهم وفي حاضرهم، وقت التنزيل، وفيما سيصلون إليه في المستقبل، كما قال - عز وجل -: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} وقال سبحانه: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} ، كما أن من المعلوم - أيضا - بالنص والإجماع - أن الله، سبحانه، حكيم عليم، وأنه الرحمن الرحيم لا يظلم ولا يجور، بل هو الحكيم العليم بأحوال عباده، واللطيف بهم،

الصفحة 32