كتاب حكم الإسلام فيمن زعم أن القرآن متناقض

العربية، وليس ذلك لغيرهم من الحكام، لأنه ليس كل حاكم يكون عالماً يصحّ منه الاجتهاد، كما أنه ليس كل حاكم - سواء كان ملكا أو رئيس جمهورية - يسمى أمير المؤمنين، وإنما أمير المؤمنين من يحكم بينهم بشرع الله ويلزمهم به، ويمنعهم من مخالفته، هذا هو المعلوم بين علماء الإسلام والمعروف بينهم فليعلم الرئيس التونسي هذا الأمر على حقيقته، وليبادر إلى التوبة إلى الله مما نسب إليه، وليرجع إلى طريق الهدى فالرجوع إلى الحق شرف وفضيلة، بل واجب وفريضة، أما التمادي في الباطل فهو ذل وهوان واستكبار عن الحق وسير في ركاب الشيطان، والله -سبحانه- يتوب على التائبين، ويغفر زلات المذنبين، إذا صدقوا في التوبة إليه، كما قال الله سبحانه: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَف} الآية.. وقال في حق النصارى: {أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما صح عنه: "الإسلام يهدم ما كان قبله، والتوبة تهدم ما كان قبلها" والله المستعان وهو سبحانه، ولي التوفيق والهادي إلى سواء السبيل.
تنبه عام:
قد علم بالأدلة الكثيرة - من الكتاب والسنة وبإجماع العلماء - أن الله- سبحانه- حكيم عليم في كل ما شرعه لعباده، كما أنه حكيم عليم في كل ما قضاه وقدّره عليهم، ولذلك أكثر - سبحانه - في كتابه العزيز من ذكر حكمته وعلمه ليعلم العقلاء من عباده أنه- سبحانه- عليم حكيم في كل ما قدّر وشرع، فتطمئن قلوبهم للإيمان بذلك وتنشرح صدورهم للعمل بشريعته وحكمه، ولهذا لما ذكر -سبحانه –ميراث الأولاد والأبوين،وتفضيل الذكر على الأنثى- ختم ذلك بقوله سبحانه {آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً} فأوضح- سبحانه- في هذه الآية، أنه العالم بأحوال عباده، أما العباد فلا يدرون أي أقاربهم أقرب نفعاً لهم، وبيّن سبحانه أن تفصيل هذه المواريث صدر عن علم وحكمة، لا عن جهل وعبث، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، ثم ختم ما ذكره، من ميراث الزوجين وتفضيل الزوج

الصفحة 35