كتاب حكم الإسلام فيمن زعم أن القرآن متناقض
لحاكم أو عالم أن يقدم على خلافهم، وأن يقول على الله خلاف ما علموه، من شرع الله وأجمع عليه العلماء بعدهم، هذا من أبطل الباطل، ومن أقبح الكفر والضلال، ومن أعظم الجرأة على كتاب الله وعلى شريعته بغير حق، ثم إن من تأمل ما شرعه الله- سبحانه- من إباحة التعدد علم أن في ذلك مصالح كثيرة، للرجال والنساء وللمجتمع نفسه - كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله - وعلم - أيضا - أن ذلك من محاسن الشريعة الإسلامية التي بعث الله بها رسوله محمدا - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس كافة وجعلها مشتملة على ما فيه صلاحهم وسعادتهم، في المعاش والمعاد، واتضح له، من ذلك، - أيضا - أن إباحة التعدد من كمال إحسان الله لعباده ولطفه بهم، وله فيه الحكمة البالغة، لمن تدبر هذا المقام وعقل عن الله شرعه وأحكامه، وما ذاك إلا لأن المرأة عرضة لأشياء كثيرة، منها المرض والعقم، وغير ذلك، فلو حرّم التعدد لكان الزوج بين أمرين، إذا كانت زوجته عاقرا أو كبيرة السن أو قد طال بها المرض وهو في حاجة إلى من يعفه ويصونه ويعينه على حاجاته، أو في حاجة إلى الولد أو غير ذلك، فإما أن يطلقها - وذلك مضرة عليه وعليها - وإما أن يبقيها في عصمته فيحصل له من الضرر والتعب الكثير، والتعرض لما حرّم الله من الفاحشة وغير ذلك من الأمور التي لا تخفى على المتأمل، وكلا الأمرين شرّ لا يرضى بهما عاقل، وقد يكون الرجل - أيضاً - لا تعفّه المرأة الواحدة فيحتاج إلى ثانية أو أكثر ليعفّ نفسه عمّا حرّم الله، وقد تكون المرأة التي لديه قليلة النسل، وإن لم تكن عاقراً، فيحتاج إلى زوجة ثانية أو أكثر لطلب تكثير النسل الذي حثّ عليه النّبي - صلى الله عليه وسلم - ورغّب فيه الأمة، وقد تكون المرأة عاجزة عن الكسب وليس لها من يقوم عليها ويصونها فتحتاج إلى زوج يقوم عليها ويعفّها، إلى غير ذلك من المصالح العظيمة للرجل والمرأة وللمجتمع نفسه، في تعدد الزوجات، وقد تكثر النساء بسبب الحرب أو غيرها فيقل من يقوم عليهن فيحتجن إلى زوج يعفهن ويرعى مصالحهن ويحصل لهن بسببه، الولد الشرعي، وقد علمت - مما ذكرنا سابقا - أن الله- سبحانه- هو الحكيم العليم في كل ما شرعه لعباده وأباحه لهم، كما أنه الحكيم العليم في كل ما قضاه
الصفحة 39
204