كتاب حكم الإسلام فيمن زعم أن القرآن متناقض
وقدره فلا يجوز لأحد - كائنا من كان - أن يعترض عليه في حكمه أو يتهمه في شرعه، كما أنه لا يجوز لأحد أن يزعم أن غير حكم الله أحسن من حكمه، أو أن غير هدى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحسن من هديه، كما قال الله - عز وجل -: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في خطبه: " أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة" والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وقد كان بعض أهل الجاهلية يجمعون بين العدد الكثير من النساء فجاء الإسلام وقصرهم على أربع، كما في قصة غيلان بن سلمة - رضي الله عنه - فإنه أسلم وتحته عشر نسوة، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يختار منهن أربعا ويفارق سائرهن، وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على أن الله- سبحانه- أباح لنبِيَيْهِ الكريمين، داود وسليمان، -عليهما السلام - أكثر من أربع، فجاءت الشريعة الإسلامية المحمدية الكاملة العامة لجميع البشر على يد أفضل الخلق وخاتم الرسل - عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام - بأمر وسط يجمع المصالح كلها وهو إباحة الجمع بين أربع من النساء، ومنع ما زاد على ذلك، وقد أجمع العلماء - رحمهم الله - على إباحة الجمع بين أربع - كما تقدم - وأجمعوا - أيضا - على تحريم ما زاد على ذلك، وقد شذ عنهم، في جواز الزيادة على ذلك، من لا يعتد بخلافه ما عدا النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن الله خصّه بخصائص، منها جواز الجمع بين تسع نسوة، لأسباب وحكم كثيرة ليس هذا موضع ذكرها، ومن تأمل حال من أنكر التعدد، كالنصارى وأشباههم، علم - من واقع الكثير منهم - أنهم وقعوا فيما حرم الله من الزنا، واتخذوا الخدينات الكثيرات فاعتاضوا الحرام عن الحلال، والخبيث عن الطيب، وشابهوا من قال الله فيهم: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} ومعلوم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو أعلم الناس بتفسير كتاب الله، وقد فسر قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} ، المراد من ذلك إباحة الجمع بين أربع من النساء فأقل دون ما زاد على ذلك، وهكذا
الصفحة 40
204