كتاب علاقة المعسكر النصراني الصليبي بالمسلمين عبر التاريخ ومنطلقاتها الأساسية
جَدِيدَة، ينشر فِيهَا الْإِسْلَام وينتزعها من أعدائه الَّذين غلبوه فِي سَاعَة غفلته وانقسامه وَضَعفه.. وَأَن هَذِه الْبِلَاد الَّتِي يفتحها يستأثر بهَا إِلَى الْأَبَد ويحول أَهلهَا إِلَى مُسلمين..
لقد حدث هَذَا أَكثر من مرّة وتكرر عبر التَّارِيخ، وَمن ثمَّ فالمعسكر النَّصْرَانِي الصليبي مَا زَالَ يخْشَى حُدُوثه الْيَوْم ويخشى أَن يُعِيد التَّارِيخ نَفسه..
يروي الْحَاج أَمِين الْحُسَيْنِي فِي بعض مذكراته: أَن دوَل المعسكر النَّصْرَانِي الصليبي تعَارض وحدة أيٍّ من الأقطار الإسلامية فِي دولة وَاحِدَة خشيَة أَن تعود لَهُم قوتهم بوحدتهم، وَمن ذَلِك معارضتهم اسْتِقْلَال دوَل الْمغرب الْعَرَبِيّ ووحدتها، فِي حَدِيث كَانَ بَينه وَبَين (بروفر) وَكيل وزارة الخارجية الألمانية للشؤون الشرقية فِي حُكُومَة هتلر النازية1. وَيَقُول الْحَاج أَمِين حِين ألمح لبروفر: " أَن مُعَارضَة دوَل المعسكر النَّصْرَانِي الصليبي لاستقلال دوَل الْمُسلمين قد تدفعنا للتعاون مَعَ دوَل المعسكر الشيوعي وَمن ثمَّ تحولها للشيوعية الَّتِي تخَاف مِنْهَا أوروبا".
قَالَ: فَأَجَابَنِي بروفر قَائِلا: " إِن هَذِه الدول الاستعمارية ترى أَن الْإِسْلَام أَشد خطراً من الشيوعية، لِأَن الشيوعية تمكن معالجتها ودرء أخطارها بِرَفْع مستوى الْمَعيشَة عِنْد الشعوب وتعميم الْعدْل الاجتماعين وَغير ذَلِك من الْوَسَائِل".
"وَلكنهَا ترى فِي الْإِسْلَام عقيدة زاحفة يخْشَى خطرها على أوروبا الَّتِي نخرت المدنية الْفَاسِدَة عظامها. وأضعفت قيمها الخلقية والروحية والعسكرية، وهم يَخْشونَ إِذا تألفت هَذِه الدول المغربية المتحدة أَن يكون لَهَا شَأْن عَظِيم ويتوهمون أَنَّهَا لَا تلبث أَن تقفز على أوروبا مرّة أُخْرَى، وَيُعِيد التَّارِيخ نَفسه".2.
__________
1 - يَقُول عَنهُ الْحَاج أَمِين: " إِن بروفر من كبار الساسة الألمان الواقفين على شؤون الأقطار الْعَرَبيَّة والإسلامية حَتَّى إِن حُكُومَة الْهِنْد استعانت بِهِ بَعْدَمَا انْتَهَت الْحَرْب، وظل يعْمل لَدَيْهَا بضع سِنِين، وَهُوَ يتَكَلَّم اللُّغَات الْعَرَبيَّة والتركية والفارسية وَكَانَ سفيراً لألمانيا فِي الْقَاهِرَة.
2 - مذكرات الْحَاج أَمِين الْحُسَيْنِي نشرتها بعض المجلات فِي الْبِلَاد الْعَرَبيَّة خلال الْعَام الهجري 1392هـ.
الصفحة 110
180