كتاب علاقة المعسكر النصراني الصليبي بالمسلمين عبر التاريخ ومنطلقاتها الأساسية
لَا سِيمَا الَّتِي بَين أَيدي أَبْنَائِنَا وَالَّتِي كتبت خصيصاً لأبناء الْمُسلمين فِيمَا أُعِيد كِتَابَته من تراثنا الإسلامي وبأيدي المستشرقين النَّصَارَى وَالْيَهُود أَو تَحت إشرافهم وبتوجيه دوائرهم حِين بدأوا غزونا الفكري وسأتعرض لهَذَا الْمَوْضُوع إِن شَاءَ الله - عز وَجل - فِي نِهَايَة هَذِه المحاضرة.
إننا كثيرا مَا نجد فِي هَذَا النَّوْع المبثوث بَين أَيدي أَبْنَائِنَا من كتب التَّارِيخ لَا أصل لَهَا أَو حوادث أخذت يَد التَّغْيِير والتبديل تلعب فِيهَا وتدس عَلَيْهَا حَتَّى طمستها ومسخت حَقِيقَتهَا، وشوهت صورتهَا وأعطت عَنْهَا صُورَة أُخْرَى تغير حَقِيقَتهَا كل الْمُغَايرَة، كالافتراءات على الصَّحَابَة - رضوَان الله تعلى عَلَيْهِم - خير أجيال البشرية بعد أَنْبيَاء الله وَرُسُله عَلَيْهِم - الصَّلَاة وَالسَّلَام - الَّذين اخْتَارَهُمْ الله تَعَالَى لحمل أكمل دين أنزلهُ، ولصحبه خير نَبِي أرْسلهُ - عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام -. كَمَا نجد فِيهَا بطولات مختلقة لَا أصل لَهَا تنتحل للطوائف غير الْمسلمَة فِي عَالم الْمُسلمين، فِي الْوَقْت الَّذِي نجد فِيهِ طمساً لبطولات الْمُسلمين تشويهاً لَهَا بِأَن يَجْعَل الْبَاعِث عَلَيْهَا هُوَ طلب الدُّنْيَا ومتاعها، أَو تستند لغير الْمُسلمين وبشكل خَبِيث وَمَا كرّ بِأَن يَجْعَل امْرَأَة أَو أحد أَفْرَاد الطوائف غير الْمسلمَة وَرَاء أبطال الْمُسلمين الَّذين يقومُونَ بهَا، كَمَا يفعل الْكَاتِب النَّصْرَانِي الحاقد جُرجي زَيْدَانَ، فِي رِوَايَات الْهلَال، وَغَيره كثير.
كَمَا نشاهد أَن كتب التَّارِيخ الَّتِي قررت فِي مدارس الْمُسلمين وَفِي بِلَادهمْ قد أغفلت ذكر حوادث ووقائع تاريخية على الرغم من شهرتها ووضوحها وَذَلِكَ مُرَاعَاة لفئةٍ أَو طائفةٍ أَو خدمَة لغرضٍ فِي نفس الْمُؤلف أَو سواهُ. وَمن هَذَا الْقَبِيل إغفال ذكر كل صدام وَقع بَين الْمُسلمين وَبَين الطوائف غير الْمسلمَة وإغفال وقُوف الطوائف غير الْمسلمَة إِلَى جَانب الصليبيين والتتار الوثنيين ضد الْمُسلمين وَذَلِكَ إِلَى جَانب الإستعمار الأوربي فِي الْعَصْر الحَدِيث ثمَّ الزَّعْم بعد هَذَا أَنهم أَصْحَاب بطولات وطنية وَحرب على الاستعمار وهم الضالعون مَعَه.
فَهَذَا شَاعِر نَصْرَانِيّ مثلا يُسَمِّي المستعمرين الفرنسيين بالفاتحين ويتحمس
الصفحة 82
180