كتاب الإسلام والحركات الهدامة المعاصرة
أنا، أنا أخلق الخلق وأفنيهم أنا، ولم يدع أحد طائفا أو متعلقا بأستار الكعبة إلا قتله؛ ثم أمر بإلقاء القتلى في بئر زمزم، وأمر بقلع باب الكعبة ونزع كسوتها عنها، ثم أمر بأن يقلع الحجر الأسود، فجاء قرمطي فضرب الحجر بمثقل في يده وهو يقول: أين الطير الأبابيل؟ أين الحجارة من سجيل؟ ثم قلع الحجر الأسود، وأخذوه معهم، فمكث عندهم اثنتين وعشرين سنة. وقد اعتز عبد الله باذيب بعلي بن الفضل الذي تغلب على اليمن، وزعم أنه طلع من يافع، وقد جهل أو تجاهل هذا المغرور أن علي بن الفضل هذا كان يعمل هو وأتباعه عمل قوم لوط، ويحرض نساءه على الزنا والدعارة، ويرغب أتباعه كالشيوعيين المحدثين في وقاع أمهاتهم وأخواتهم وبناتهم؛ إذ يقول في قصيدته المشهورة:
ولا تمنعي نفسك المعرسين ... من الأقربين ومن أجنبي
فكيف حللت لهذا الغريب ... وصرت محرمة للأب
أليس الغراس لمن ربه ... ورواه في الزمن المجدب
وقد أرجع ابن كثير وغيره من المؤرخين أصل القرامطة إلى اليهود والمجوس، وذكروا أنه بعد أن أظهر الله الإسلام، وبسط رواقه على أرض فارس، تشاور جماعة من المجوس والمزدكية، وشرذمة من الثنوية، وطائفة من ملاحدة الفلاسفة، وبعض اليهود في حيلة يدفعون بها في نحر الإسلام، ويعملون بها على تشتيت شمل المسلمين، فاتفقوا على انتحال مذهب يستمد أصوله من أصول الفلاسفة، وقواعد المزدكية، وعقائد الثنوية واليهود، ورأوا أن أنجع الوسائل لتحقيق أهدافهم أن يتمسحوا بالانتساب إلى نصرة آل البيت، بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يختاروا رجلا يزعمون للرعاع بأنه من آل البيت، وأنه يجب على كافة الخلق مبايعته، وتتعين عليهم طاعته، مدعين أنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه معصوم عن الخطأ؛ وقد تذرعوا بذلك إلى استدراج العامة لينسلخوا من الدين، فإن أراد أحد أن يتمسك بظاهر القرآن ومتواتر الأخبار، أخبروه أن تلك الظواهر لها أسرار وبواطن، وأن أمارة الأحمق الانخداع بظواهرها،
الصفحة 25
142