كتاب العقيدة الصحيحة وما يضادها

أم المؤمنين سلمة رضي الله عنها. وقال الإمام أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك رحمة الله عليه: "نعرف ربنا سبحانه بأنه فوق سماواته على عرشه، بائن من خلقه".
وكلام الأئمة في هذا الباب كثير جدا لا يمكن نقله في هذه المحاضرة، ومن أراد الوقوف على كثير من ذلك فليراجع ما كتبه علماء السنة في هذا الباب، مثل كتاب "السنة" لعبد الله بن الإمام أحمد، وكتاب "التوحيد" للإمام الجليل محمد بن خزيمة، وكتاب "السنة" لأبي القاسم اللالكائي الطبري، وكتاب "السنة" لأبي بكر بن أبي عاصم، وجواب شيخ الإسلام ابن تيمية لأهل حماه، وهو جواب عظيم كثير الفائدة، قد أوضح فيه رحمه الله عقيدة أهل السنة، ونقل فيه الكثير من كلامهم، والأدلة الشرعية والعقلية على صحة ما قاله أهل السنة، وبطلان ما قاله خصومهم، وهكذا رسالته الموسومة بالتدمرية، قد بسط فيها المقام وبين فيها عقيدة أهل السنة بأدلتها النقلية والعقلية، والرد على المخالفين بما يظهر الحق ويدمغ الباطل لكل من نظر في ذلك من أهل العلم بقصد صالح ورغبة في معرفة الحق، وكل من خالف أهل السنة فيما اعتقدوه في باب الأسماء والصفات فإنه يقع ولابد في مخالفة الأدلة النقلية والعقلية، مع التناقض الواضح في كل ما يثبته وينفيه.
أما أهل السنة والجماعة فأثبتوا لله سبحانه ما أثبته لنفسه في كتابه الكريم، أو أثبته له رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في سنته الصحيحة إثباتا بلا تمثيل، ونزهوه سبحانه عن مشابهة خلقه تنزيها بريئا من التعطيل، ففازوا بالسلامة من التناقض، وعملوا بالأدلة كلها، وهذه سنة الله سبحانه فيمن تمسك بالحق الذي بعث به رسله، وبذل وسعه في ذلك، وأخلص لله في طلبه أن يوفقه للحق ويظهر حجته، كما قال تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} (الانبياء: من الآية18) وقال تعالى: {وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} (الفرقان:33)
وقد ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره المشهور عند كلامه على قول الله عز وجل: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش} (لأعراف: من الآية54) الآية كلاما حسنا في هذا الباب يحسن نقله هاهنا لعظم فائدته، قال رحمه الله ما نصه: "للناس في هذا المقام مقالات كثيرة جدا ليس هذا موضع بسطها، وإنما نسلك في هذا المقام مذهب السلف الصالح، مالك، والأوزاعي، والثوري، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد،

الصفحة 7