كتاب بنو إسرائيل في ضوء الإسلام

عهد الرومان ولد المسيح وزكريا ويحيى عليهم الصلاة والسلام، وحكم الرومان فلسطين حوالي سبعة قرون، وكان حكما صارما مستبدا.
عادت غرائز الشر التي انطبعت في اليهود وسكتت إلى حين تحت سلطة الرومان القاهرة – عادت ترفع رأسها من جديد ومضت هذه المرة مضي المهاجم المتحدي لله وشرعه وأنبيائه، فتطاولوا على حرمات الله، فقتلوا الأنبياء وكذبوهم، وابتلاهم الله بالمحن ليتوبوا ويهتدوا فما ازدادوا إلا ضلالا وتمردا وعتوا، وأراد الله أن يعطيهم آخر فرصة للتوبة والرجوع إلى الهدى والحق كما فعلوا أيام موسى عليه السلام بعد عبادة العجل، فأرسل إليهم آخر رسل منهم وهم: زكريا ويحيى وعيسى في عصر واحد، فقتلوا زكريا ويحيى، وحاولوا قتل عيسى عليه السلام بتأليب الحاكم الروماني عليه وادعاء أنه أفسد الشباب بدينه الجديد، وأنه ساحر، واتهموا أمه بالفاحشة وقد برأها الله، فغضب الله عليهم ولعنهم وسلط عليهم الرومان فدمروا الهيكل، وهو مسجد سليمان عليه السلام عام70 للميلاد، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، ونزح الباقون منهم إلى الجزيرة العربية ومصر والعراق وأوربا، ثم أخرج النبوة منهم إلى أبناء عمهم بني إسماعيل عليه السلام، فقد أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم من بني إسماعيل عليه السلام، فكان آخر رسل الله وأنبيائه إلى الناس، وجعله الله رسولا إلى عامة البشر ومعجزته الخالدة القرآن الكريم، وتكفل الله بحفظه من التغيير والتبديل والتحريف ليبقى صالحا لكل زمان ومكان.
وينتهي بذلك أكبر فصل في حياة بني إسرائيل، لأنه الفصل الذي انتهى بغضب الله عليهم ولعنهم وطردهم من رحمته، أعني أولئك الذين اشتركوا في تكذيب المسيح ومحاولة قتله واتهام أمه. وباع اليهود أنفسهم للشيطان وعملوا معه حلفا موثقا، وأجمع فلاسفتهم ودهاتهم على تحدي الله ومحاربة كل خير في الأرض.
وخلاصة القول أنه بموت داود وسليمان عليهما السلام تنتهي زعامة بني إسرائيل السياسية والدينية والعسكرية، ويصبح الشعب اليهودي أعزل كغيره من الشعوب البائسة يقطن الأرض المقدسة، يشاركه فيها غيره من الشعوب السامية والعربية المجاورة، تحكمهم جميعا سلطة وثنية قاهرة فوقهم بدأت بالأشوريين،

الصفحة 79