كتاب ثمرة التسارع إلى الحب في الله تعالى وترك التقاطع

وَعَن أُمِّ كلثوم بنت عقبة بن أبي مُعيط قالت: سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لَيْسَ الكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ ويقُولُ خَيْرًا ويُنمي خَيْرًا". رواه الشيخان (¬1).
وزَادَ مُسْلِم: "قَالَت: ولَمْ أَسْمَعه -تعني النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يُرَخِّصُ في شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ كَذِبٌ إِلَّا في ثَلاَثٍ: الحَرْبُ، والإِصلاَحُ بَيْنَ النَّاسِ، وحَدِيثُ الرَّجُل امْرَأَتَهُ وحَدِيثُ الْمَرْأَة زَوْجها" (¬2).
قَالَ الخطَّابِي: "هذِهِ أُمُورٌ قد يَضطرُّ الإِنسان فيها إِلى زيادة القَوْلِ، ومجاوزة الصِّدق، طلبًا للسلامة، ودفعًا للضرر. فالكذب في الإِصلاح بين اثنين هو: أن يُنمي من أحدهما إِلى صاحبه خيرًا، ويبلغه جميلًا، وإِن لم يكن سمعه منه؛ يريد بذلك الإِصلاح. والكذب في الحرب: أن يظهر من نفسه قوَّة، ويتحدث بما يقوي به أصحابه ويكيد به عدوه. وأما كذب الرجل زوجته، هو: أن يعدها ويُمنِّيها ويُظهر لها من المحبة أكثر مما في نفسه؛ يستديم بذلك صحبتها ويُصلح به خلقها" (¬3). انتهى.
والأحاديث في ذلك كثيرة، وفيما ذكرناه كفاية لأُولي الهداية، والحمد لله في البداية والنِّهاية، على يد جامعه محمَّد جمال الدِّين القاسمي.
¬__________
(¬1) البخاري (5/ 299)، ومسلم (4/ 2011).
(¬2) مسلم (4/ 2011، 2012).
(¬3) "معالم السنن" للخطابي (7/ 236 - المطبوع بهامش مختصر سنن أبي داود للمنذري).

الصفحة 45