كتاب المؤتمر العالمي لتوجيه الدعوة وإعداد الدعاة

الأجيال القادمة علينا ـ أن نقدم لها الدين الذي وصل إلينا، وأن نقدمه كاملاً غير منقوص، لنرجو به ثواب الله، كما قدم غيرنا هذا الدين إلينا راجياً ثواب الله.. هذه واحدة..
الشيء الثاني أننا نحن المسلمين نبلغ الآن ملياراً من الأنفس. هناك معركة تدور في صمت عن إحصاءات المسلمين في العالم، ربما جعلناهم نصف ذلك أو أكثر قليلاً أو أقل قليلاً ـ لكن المسلمين يبلغون ملياراً من الأنفس، ويشاء الله أن الكم لا يكون له وزنه إن لم يكن معه كيف له حرمته وله مكانته. إن مسجداً صغيراً يصل فيه ثلاثمائة مسلم ـ أي عدد الذين حضروا معركة بدر ـ عدد ربما لا يؤبه له. لكن هذا العدد من المصلين هو الذي كسب معركة الإسلام في بدر، وحوّل تاريخ البشرية، إن الأيدي المتوضئة التي قادت زمام العالم قديماً هي التي استطاعت أن تقدم لنا حضارة ضخمة، وأن تصنع الكثير لأن القلة الناشطة لها وزنها، والكثرة العاطلة لا وزن لها، فإذا كان عدد المسلمين الآن ملياراً من الأنفس، فإننا نسأل أنفسنا: كيف يضعف الإسلام ونحن على هذه الكثرة الكاثرة؟؟؟
إن الأمر يحتاج إلى تأمل وإلى دراسة، ولنعترف بالواقع، فإن مجافاة الواقع ليست من العقل! المسلمون الآن موزعون على نحو سبعين جنسية أو أكثر، وهذه الجنسيات التي توزعنا عليها مختلفة في أساليب الحكم، وفي ألوان المجتمع، هناك حكومات مستقلة كما تسمى، وهناك دول المسلمون فيها كثرة ولكن الحكومات فيها لا صلة لها بالإسلام، بل قد تكون صليبية علنا، أو شيوعية علنا، أو علمانية لا لون لها علنا ـ والقاسم المشترك بين جماهير المسلمين ـ أن هناك بيقين انهزاما في تطبيق الإسلام.
ربما كانت هذه المملكة من توفيق لها أنها حظيت بملك يعتمد على الدين، ويرى شرفه بأن ينتسب إلى الإسلام، لكن أنواع السلطة في العالم الإسلامي نجح الغزو الثقافي في إبعادها عن الإسلام، فضرب التشريع الإسلامي ضربة انهار لها، وحكم المسلمون الآن بغير ما أنزل الله. ولما كان القانون أو التشريع هو الحزام الذي يشد تعاليم الإسلام ـ فإن هذه التعاليم بقيت بغير رباط يجمعها ويشد عراها، فأخذت تتخلخل وتتراخى وتتساقط، ثم وجدنا من يقول: (التقاليد القديمة لا معنى لها:)

الصفحة 19