كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: مقدمة)

رسالة الكتاب
ويقول، داري، من يقول، وأعبدي! ... مَهْ، فالعبيد لربنا والدارُ! (*)
يَا إِنْسَ، كم يرد الحياة مَعَاشر، ... ويكون من تلف لهم إصدار!
أتروم من زمن وفاء مُرضيا؟ ... إن الزمان، كأهله، غدار!
تقفون، والفَلَكُ المسخر دائرٌ! ... وتقدرون، فتضحكم الأقدار!
"شيخ المعرة"
حين شرعت في كتابة هذه الفصول (سنة 1384 هـ، سنة 1964 م)، كنت قد قدرت لها مقادير، ونهجت لها نهجا مستتبا، ظننت أني بعون الله قادر على أن أمشي فيه وفي دروبه أتهادى، لا يذعرني شئ حتى أبلغ نهايته. ولكن شاء الله غير ما شئت، وقدر غير ما قدرت، وخابت ظنوني، واختُطِفت عن السير في أوائله، فدع عنك بلوغ نهايته ....
ثم كان ما كان ....
ولهذه الفصول غرضٌ واحدُ، وإن تشعبت إلى الطرق. وهذا الغرض هو ما قلت للأخ الصديق الأستاذ "محمد عودة" (ص: 398): "وهو الدفاع عن أمّة برمتها، هي أمتي العربية الإسلامية. وجعلت طريقي أن أهتك الأستار المسدلة التي عمل من ورائها رجال فيما خلا من الزمان، ورجال آخرون قد ورثوهم في زماننا. وهمهم جميعا كان: أن يحققوا للثقافة الغربية الوثنية كل الغلبة على عقولنا، وعلى مجتمعنا، وعلى حياتنا، وعلى ثقافتنا، وبهذه الغلبة يتم انهيار الكيان العظيم الذي بناه آباؤنا في قرون متطاولة، وصححوا به فساد الحياة البشرية في نواحيها الإنسانية، والأدبية والأخلاقية والعملية والعلمية والفكرية وردوها إلى طريق مستقيم. علم ذلك من علمه، وجهله من جهله".
وكان مما قدّر الله أن أفتح عيني على ثورة مصر سنة 1919، وعلى دارٍ تموج
__________
* "مه"، استنكار، وزجر، وأمر بالسكوت = و "يا إنس"، ترخيم "يا إنسان".

الصفحة 7