كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: مقدمة)

الاستخراج، وأما لو كان الحديث في المتابعات ووافق المختلط الثقات ولم ينفرد، وكان الراوي ممن لم يتبين أمره، فليس ثم هذه الفائدة.
والحال في رواية المختلطين في الصحيحين كالحال في رواية المدلسين سواء بسواء، فليس احتمال أن يكون السماع عند الراوي في الصحيحين قبل الاختلاط كالوقوف على اليقين (¬1)، على أن هناك فرقًا بين الأمرين، وذلك أننا في حالة التدليس، إذا وقفنا على التصريح بالسماع عند المخرج، حكمنا بأن الراوي لم يدلس، وليس كذلك في حالة الاختلاط، فإن ثبوت الحديث عند المخرج من رواية من سمع قبل الاختلاط لا يقتضي سماع الراوي عند صاحب الصحيح قبل الاختلاط أيضًا، لاحتمال أن يكون المختلط ليس من المطبقين بحيث لا يفيق ويحدث على الصواب، غايته أن نحكم على استقامة حديث ذلك الراوي بعينه، ولا نطرد الحكم في مروياته عن ذلك المختلط لأننا علمنا أن صاحبي الصحيحين ينتقيان، والله أعلم.
ففي القسم الموافق لهذه المقارنة عند مسلم من المختلطين:
سعيد بن أبي عروبة، له حديث في الصوم في السفر (¬2)، والراوي عنه محمد بن بشر سمع منه قبل الاختلاط (¬3).
والثاني سعيد بن إياس الجريري، له عدة أحاديث كلها عمن سمع منه
¬__________
(¬1) انظر السنن الأبين (ص 143 - 144)، النكت على كتاب ابن الصلاح (1/ 322).
(¬2) كتاب الصيام -باب جواز الصوم والفطر في رمضان للمسافر (2/ 787).
(¬3) الكواكب النيرات (ص 208).

الصفحة 369