كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: مقدمة)
المبحث الخامس: درجةُ رجال أبي عوانة.
أكثرُ رجال أبي عوانة في مستخرجه ثقات أو في حيز الاحتجاج، وهذا ظاهر لمن تأمل تراجمهم، وذلك أن كتاب أبي عوانة هو في الأصل مستخرج على صحيح مسلم، وهو يلتقي مع مسلم في أغلب الأحيان في شيخه أو شيخ شيخه، ورجالِ أَبي عوانة في الغالب هم رجالُ مسلمٍ الذين أخرج لهم في الصحيح، لكن مع هذا فقد أخرج أَبو عوانة في كتابه لجماعة من الضُّعفاء، بل وفيهم بعضُ المتروكين والكذابين، لكن على سبيل الندرة (¬1)، وليس هذا غريبا، لأن أصحاب المستخرجات ومنهم أَبو عوانة، إنما جل قصدهم أن يعلو إسنادهم في الأحاديث التي يخرجونها، ويجتهدون أن يكونوا هم والمخرَّج عليهم سواء، فإن فاتهم ذلك فأعلى ما يرونه، فمن ثم فإنهم لا يلتزمون في أسانيدهم الصحَّة، لأنَّ هذا ليس هو قصدَهم الأصليّ، فمثلا ربَّما لا يقع لأبي عوانة الحديث إلا من طريقِ رجلٍ ضعيف، فيتساهلُ في ذلك، لأن أصل الحديث صحيح معروف، من غير طريق ذاك الضعيف، والقصد إنما هو العلو وقد حصل (¬2).
وإذا نظرنا إلى مستخرج أبي عوانة وحال رجاله، فيما بينه وبين ملتقى
¬__________
(¬1) راجع ما تقدم تقريره في المبحث الرابع من هذا الفصل.
(¬2) انظر: النكت (1/ 293)، وفتح الباري (13/ 88)، فتح المغيث (1/ 46)، تدريب الراوي (1/ 115)، التنكيل (1/ 443 - 444).