كتاب السنة النبوية وحي - أبو لبابة بن الطاهر حسين

من الله تعالى.
3- وممّا يثبت أنّ السنّة وحي ما أخرجه الإمام الشافعيّ من طريق التابعيّ الكبير طاوس بن كيسان "أنّ عنده كتابا في العقول نزل به الوحي" (1) . وإذا علمنا أنّ الديّات ممّا حدّدته وفصّلت معالمه السنّة أدركنا أنّ كلّ ذلك وحي نزل على قلب الرسول وجرى به لسانه. وكذلك أنصبة الزكاة وبيان مقاديرها المخرّجة وأنواعها وأجناسها وتفصيلاتها المبسوطة في كتب الزكاة والصدقة، فهي وإن بدت من قول النبيّ صلى الله عليه وسلم إلا أنها في الحقيقة أمر أمر الله به نبيّه عليه الصلاة والسلام. مصداق ذلك ما رواه البخاريّ بسنده الصحيح إلى أنس بن مالك رضي الله عنه: أنّ أبا بكر كتب له هذا الكتاب لمّا وجّهه إلى البحرين: "بسم الله الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين والتي أمر الله بها رسوله. " (2) .
فقول أبي بكر رضي الله عنه: "هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي أمر الله بها رسوله. " يبيّن بما لا يدع مجالا للشكّ أنّ ما يتعلّق بركن الزكاة والصدقات إنّما هو وحي من الله عبّر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ببيانه الآسر، ويقاس على الزكاة بقيّة الأركان، وغيرها ممّا تناولته السنة بالبيان.
4- ومن الأدلّة التي ساقها العلماء على أنّ السنّة وحي كالقرآن قصّة العسيف (3) ، فقد روى البخاريّ بسنده الصحيح إلى أبي هريرة وزيد بن
__________
(1) فتح الباري13/305.
(2) صحيح البخاريّ - الزكاة - باب زكاة الغنم - فتح الباري 3/371 - 372 الحديث 1454.
(3) العسيف بمهملتين: الأجير وزناً ومعنىً، والجمع عسفاء كأجراء، ويطلق على الخادم وعلى العبد، وسمّي الأجير عسيفا لكون المستأجر يعسفه في العمل أي يجور عليه في العمل، أو لكون الأجير يعسف الأرض بالتردّد عليها. (فتح الباري 12/142 - 143) .

الصفحة 25