كتاب السنة النبوية وحي - أبو لبابة بن الطاهر حسين

يقول- عن الوحي الذي لا ينطق عن الهوى.
7- ومن أوضح الأدلّة على أنّ سنّة النبيّ صلى الله عليه وسلم وحي أنه عليه الصلاة والسلام كثيراً ما يسأل عن الشيء الذي لم ينزل عليه فيه وحي، فيسكت أو يقول لا أدري حتّى يأتيه بيان ذلك بالوحي، وكثيرا ما تنزل به النوازل فلا يفتي حتّى يريه الله الجواب والفتوى، حتّى إنّ البخاريّ ترجم لهذا المعنى في جامعه الصحيح بقوله: "باب ما كان النبيّ يسأل ممّا لم ينزل عليه الوحي فيقول: "لا أدري، أو لم يجب حتّى ينزل عليه الوحي، ولم يقل برأي ولا قياس، لقوله تعالى: "بما أراك الله" (1) :
أ - من ذلك سؤال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: "يا رسول الله! كيف أقضي في مالي؟ كيف أصنع في مالي؟ "، قال جابر: "فما أجابني بشيء حتى نزلت آية الميراث" (2) .
ب - وكذلك سؤال أحد المعتمرين -وكان يلبس جبّة وعليه أثر الخلوق- النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة يا رسول الله! كيف ترى في رجل أحرم بعمرة وهو متضمّخ بطيب؟ فسكت النبيّ صلى الله عليه وسلم ساعة، فجاءه الوحي. . . ثمّ سرّي عنه فقال: "أين الذي سأل عن العمرة؟ " فأتي بالرجل. فقال: "اغسل الطيب الذي بك ثلاث مرّات، وانزع عنك الجبّة، واصنع في عمرتك كما تصنع في حجّتك" (3) .
__________
(1) الاعتصام - الباب الثامن - فتح الباري 13/303.
(2) صحيح البخاريّ - الاعتصام - باب ما كان النبيّ يسأل ممّا لم ينزل عليه الوحي - فتح الباري 13/303 حديث 7309.
(3) صحيح البخاريّ - الحجّ - باب غسل الخلوق ثلاث مرّات من الثياب - فتح الباري 3/460 حديث 1536 - العمرة - باب يفعل بالعمرة ما يفعل بالحجّ - فتح الباري 3/718 حديث 1789 - صحيح مسلم - الحجّ - باب ما يباح للمحرم بحجّ أو عمرة 1/836 حديث1180 - سنن أبي داود - المناسك - باب الرجل يحرم في ثيابه 5/407 - 408 حديث 1819.

الصفحة 28