كتاب السنة النبوية وحي - أبو لبابة بن الطاهر حسين

الوحي يأتيني به جبريل فيلقيه عليّ كما يلقي الرجل على الرجل فذاك ينفلت منّي، ويأتيني في بيتي مثل صوت الجرس، حتى يخالط قلبي فذاك الذي لا ينفلت مني" (1) .
وهذا الملك تارة يراه النبي صلى الله عليه وسلم فيكون رسولاً مُشاهَداً تُرى ذاتُهُ ويُسْمَعُ كلامُهُ، وتارة لا يراه:
1- ففي حالة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ملك الوحي وهو يلقي عليه الوحي:
أ- قد يراه على صورته الحقيقية التي خلقه الله عليها، وله ستمائة جناح، وهذا نادر، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة مرفوعاً: "لم أرَه - يعني جبريل - على صورته التي خلق عليها إلا مرتين" (2) ، وحدّدت السيدة عائشة رضي الله عنها هاتين المرّتين بقولها: "مرّة عند سدرة المنتهى، ومرّة عند أجياد".
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "جاورت في حراء فلمّا قضيت جواري هبطت فاستبطنت الوادي، فنوديت، فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي، فإذا هو جالس على عرش بين السماء والأرض" (3) ، وفي رواية: "على كرسيّ بين السماء والأرض وقد سدّ الأفق".
ب- وقد يراه متمثّلاً في صورة بشر في شكل أعرابيّ أو غيره، وكثيراً ما كان يتقمّص صورة دحية الكلبي الصحابي الجليل الوسيم رضي الله عنه.
2- وفي حالة عدم رؤية النبيّ صلى الله عليه وسلم الملك وهو يوحي إليه ويبلّغه كلام
__________
(1) فتح الباري 1/27.
(2) فتح الباري 1/32.
(3) البخاري - التفسير - باب وربّك فكبّر - فتح الباري 8/547 الحديث رقم 4924 و 8/586 الحديث رقم 4925 - وانظر بدء الوحي فتح الباري 1/37 الحديث رقم 4.

الصفحة 8