كتاب السنة النبوية وحي - آيت سعيد

والثاني وحي مروي منقول غير مؤلف ولا معجز ولا متلو، لكنه، مقروء، وهو الخبر الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو المبين عن الله عزوجل مراده منا، قال الله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل:44] ووجدناه تعالى قد أوجب طاعة هذا القسم الثاني كما أوجب طاعة القسم الأول الذي هو القرآن ولا فرق …. والقرآن والخبر الصحيح، بعضُها مضاف إلى بعض، وهما شيء واحد في أنهما من عند الله تعالى، وحكمهُما حكم واحد في وجوب الطاعة لهما …. ونحن إذ أطعنا أمر نبينا صلى الله عليه وسلم، لِعِلْمنا أنه كله من عند الله عز وجل، وأنه لا يقول من تلقاء نفسه شيئا " (1) .
وبهذا قال بعض المفسرين، قال القرطبي:" وفيها أيضا دلالة على أن السنة، كالوحي المنزل في العمل.. (2) وقال الرازي" هو" ضميرُ معلومٍ أو ضميرُ مذكورٍ، نقول: فيه وجهان: أشهرهما أنه ضمير معلوم، وهو القرآن، كأنه يقول: ما القرآن إلا وحي …والوجه الثاني أنه عائد إلى مذكور ضمناً وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم وكلامُه، وذلك لأن قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} في ضمنه النطق وهو كلام وقول، فكأنه تعالى يقول: وما كلامه – وهو نطْقُه – إلا وحي (3) .
وقال الشنقيطي:" هذه الآية تدل بظاهرها على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجتهد في شيء، وقد جاءت آيات أخر تدل على أنه ربما اجتهد في
__________
(1) الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم - 1/96/97/98/94.
(2) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - 17/85.
(3) مفاتيح الغيب - 28/282.

الصفحة 24