كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)
"""""" صفحة رقم 105 """"""
كانوا يعرفون ميسم كل قوم وكرم إبلهم من لؤمها ، فقال :
تسألني الباعة : ما نجارها ، . . . إذ زعزعوها فسمت أبصارها ؟
وكل دار لأناس دارها . . . وكل نار العالمين نارها
نار القرى وهي من أعظم مفاخر العرب . كانوا يوقدونها في ليالي الشتاء ، ويرفعونها لمن يلتمس القرى . فكلما كانت أضخم وموضعها أرفع ، كان أفخر ، وهم يتمادحون بها ، قال الشاعر :
له نار تشب بكل وادٍ . . . إذا النيران ألبست القناعا .
وقال إبراهيم بن هرمة :
إذا ضل عنهم ضيفهم ، رفعوا له . . . من النار في الظلماء ألوية حمرا .
وكانت للعرب نار عظمى تسمى نار الحرتين وهي التي أطفأها الله تعالى بخالد بن سنان العبسي . وكانت حرة ببلاد عبس ، وتسمى حرة الحدثان .
روي عن ابن الكلبي أنه قال : كان يخرج منها عنق فيسيح مسافة ثلاثة أو أربعة أميال ، لا تمر بشيء إلا أحرقته . وأن خالد بن سنان أخذ من كل بطن من بني عبس رجلاً فخرج بهم نحوها ، ومعه درة حتى انتهى إلى طرفها ، وقد خرج منها عنق كأنها عنق بعير فأحاط بهم ، فقالوا له : هلكت والله أشياخ بني عبس آخر الدهر فقال خالد كلا وجعل يضرب ذلك العنق بالدرة ويقول : بداً بداً ، كل هدي الله