كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 235 """"""
من المال والأجنة ، فخاطبه أخوه في بعض الأيام فسطا عليه ، وقال : أنا أكثر منك مالا وولدا وخيرا ، فقال له أخوه : فما أراك شاكراً لله تعالى على ما رزقك ، ويوشك أن ينزع ذلك منك . ويقال : إنه دعا عليه فغرق ماء البحر ما كان له في ليلة واحدة .
وقيل : أن هذين اللذان ذكرهما الله تعالى في كتابه العزيز ، فقال : " واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنين " الآيات ، والله تعالى أعلم .
وبالقرب من الإسكندرية بحيرة ، طولها إقلاع يوم وعرضها كذلك ، يدخل إليها الماء من بحر الروم من مكان الأشتوم ، ويخرج منها إلى بحيرة أخرى دونها في خليج عليه مدينتان ، أحدهما تسمى الجدية ، والأخرى تسمى أتلو كثيرة المقات والنخل ، وكلها في الرمل . ويصب في البحيرة خليج من النيل يسمى الحافر طوله نصف يوم إقلاعاً ، وهو كثير الطير والسمك والعشب .
وفي بلاد أفريقية بحيرة بنزرت ماؤها ملح ، وطولها ستة عشر ميلا ، وعرضها ثمانية أميال . وعلى عشرة أميال منها بحيرة ماؤها عذب تسمى بحيرة متيجة . فإذا جاء الشتاء وكثرت السيول ، غاضت بحيرة بنزرت ، وفاضت بحيرة متيجة حتى تمدها ستة شهور فلا يحلو ماؤها ؛ فإذا انقضى زمن الشتاء وجاء الصيف ، غاضت بحيرة متيجة ، وفاضت بحيرة بنزرت فلا يملح ماؤها . ويصاد في هذه البحيرة في كل شهرين من شهور السنة نوع من السمك لا يخالطه غيره ؛ وأهل الناحية يعرفون دخول الشهر بتغيير السمك فيها .
وحكى صاحب كتاب مباهج الفكر ومناهج العبر : إن بتخوم بلاد أرمينية بحيرة يكون فيها الماء والسمك والطير ستة أشهر كوامل ، ثم تجف فلا يرى فيها ماء ولا سمك ولا طير سبع سنين ، فإذا كانت السنة الثامنة ظهر ذلك فيها ستة أشهر ثم ينقطع . وهذا دأبها مدى الزمن .
وبخلاط بحيرة لا يرى فيها سمك ولا ضفدع ولا سرطان عشرة أشهر من السنة ، ثم يظهر ذلك كله في الشهرين الباقيين

الصفحة 235