كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 244 """"""
وسنذكر المشهور منها .
فأما نهر النيل
فزعم قدامة بن جعفر أن انبعاثه من جبل القمر وراء خط الاستواء ، من عين تجري منها عشرة أنهار ، كل خمسة منها تنصب إلى بطيحة . ثم يخرج من كل بطيحة نهران ، وتجري الأنهار الأربعة إلى بطيحة كبيرة في الإقليم الأول . ومن هذه البطيحة يخرج نهر النيل . وقال صاحب كتاب نزهة المشتاق إلى اختراق الآفاق : " إن هذه البحيرة تسمى بحيرة كوري منسوبة لطائفة من السودان يسكنون حولها ، متوحشون : يأكلون من وقع إليهم من الناس . ومنهذه البحيرة يخرج نهر عانة ، ونهر الحبشة ؛ فإذا خرج النيل منها يشق بلاد كوري ثم بلاد ننه " طائفة من السودان أيضاً ، وهم بين كانم والوبة " ، فإذا بلغ دنقلة " مدينة النوبة " عطف من غربيها إلى المغرب ، وانحدر إلى الإقليم الثاني ، فيكون على شطيه عمارة النوبة . وفيه هناك جزائر متسعة عامرة بالمدن والقرى . ثم يشرق إلى الجنادل ، وإليها تنتهي مراكب النوبة انحدارا ، ومراكب الصعيد إقلاعا . وهناك أحجار مضرسة لامرور للمراكب عليها إلا في إبان زيادة النيل . ثم يأخذ على الشمال فيكون على شرقيه مدينة أسوان من بلاد الصعيد الأعلى ؛ ثم يمر بين جبلين هما يكتنفان لأعمال مصر ، أحدهما شرقي والآخر غربي حتى يأتي مدينة مصر فتكون في شرقيه . فإذا تجاوزها بمسافة يوم ، انقسم قسمين : أحدهما يمر حتى يصب في بحر الروم عند مدينة دمياط ، ويسمى بحر الشرق ؛ والآخر - وهو عمود النيل ومعظمه - يمر إلى أن يصب في بحر الروم أيضا عند مدينة رشيد ، ويسمى بحر الغرب .
قالوا : وتكون مسافة النيل من منبعه إلى أن يصب في رشيد سبعمائة فرسخ وثمانية وأربعين فرسخا . وقيل إنه يجري في الخراب أربعة أشهر ، وفي بلاد السودان شهرين ، وفي بلاد الإسلام شهرا . " وروى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك ، عن مالك بن صعصعة ، عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في حديث المعراج ، قال : ثم رفعت إلى

الصفحة 244