كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)
"""""" صفحة رقم 247 """"""
وهذا النهر مخالف في جريه لسائر الأنهار ، لأنه يجري مما يلي الجنوب مستقبل الشمال . وكذلك نهر مهران بالسند ، ونهر الأرنط ، وهو نهر حمص وحماة ، ويسمى العاصي لمخالفته للأنهار في جريها ، وما عداها من الأنهار جريها من الشمال إلى الجنوب : لارتفاع الشمال عن الجنوب وكثرة مياهه .
وهو أخف المياه وأحلاها وأعمها نفعاً وأكثرها خراجاً .
وقد حكى أنه جبى في أيام كيقاوش " أحد ملوك القبط الأول " مائة ألف ألف وثلاثين ألف دينار ؛ وجباه عزيز مصر مائة ألف ألف دينار ؛ وجباه عمرو بن العاص اثنا عشرة ألف ألف دينار ؛ ثم رذل إلى أن جبى أيام القائد جوهر " مولى المعز العبيدي " ثلاثة آلاف ألف ومائتي دينار .
وسبب تقهقره أن الملوك لم تسمح نفوسهم بما كان ينفق في حفر ترعة وإتقان جسوره وإزالة ما هو شاغل للأرض عن الزراعة كالصب والحلفاء .
وحكى ابن لهيعة أن المرتبين لذلك كانوا مائة ألف وعشرين ألف رجل سبعون ألفا للصعيد ، وخمسون ألف للوجه البحري .
وحكى ابن زولاق أن أحمد بن المدبر لما ولى الخراج بمصر ، كشف أرضها فوجد غامرها أكثر من عامرها ، فقال : والله لو عمرها السلطان لوفت له بخراج الدنيا .
وقيل أنها مسحت أيام هشام بن عبد الملك ؛ فكان ما يركبه العامر والغامر مائة ألف ألف فدان . والفدان أربعمائة قصبة ، والقصبة عشرة أذرع .