كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 270 """"""
الأجواف ؛ تحاسن الغصون بقوامها ، والقدود بتمامها ؛ وتخالف هيفها لامتلاء خصورها وتساوي " بين " هواديها وصدورها ؛ معتدلة القدود ، ناعمة الحدود ؛ مع مليات أخذت النار منها مأخذها فاسودت وتطاولت عليها مدة الجفاف فاشتدت ؛ وترامت بها مدة القدم ، كأنها في حيز العدم ؛ صلاب المكاسر ، غلاظ المآزر ؛ تشبه أخلاقه في هيجاء السلم ، وتحكي صلابة آرائه في نفاذ الرأي ومضاء العزم ؛ تكظم على الماء بغيظها ، فتجود على الأرض بفيضها ؛ تمد يد أيدها في اقتضاء إرادتها ، وتطلع طلوع الأنجم في فلك إدارتها ؛ وتعانق أخواتها معانقة التشييع ، فآخر التسليم أول التوديع ، على أنها بحقائق الاعتبار ، وتجري جري الفلك المدار في قناة الأعمار :
تمر كأنفاس الفتى في حياته . . . وتسعى كسعي المرء أثناء عمره .
يفارق خل خله ، وهو سائر . . . على مثل حال الخل في إثر سيره .
ويعلمه التداور ، لو يعقل الفتى . . . بأن مرور العمر فيه كمره .
فمن أدركت أفكاره سر أمرها . . . فقد أدركت أفكاره سر أمره .
ومن فاته ، الإدراك أدركه الردى : . . . إذا جزعت أنفاسه كأس مره .
ومما وصفت به الجداول
قال ابن المعتز ، عفا الله عنه :
على جدول ريان ، لا يقبل القذى : . . . كأن سواقيه متون المبارد .
وقال الناجم : أحاطت أزاهير الربيع سوية . . . سماطين مصطفين ، تستنبت المرعى .
على جدول ريان كالسهم مرسلا ، . . . أو الصارم المسلول ، أو حية تسعى .

الصفحة 270