كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)
"""""" صفحة رقم 278 """"""
وقال يرفعه إلى مجاهد : خلق الله تعالى هذا البيت قبل أن يخلق شيئا من الأرضين . وعنه يرفعه إلى ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : لما كان العرش على الماء قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بعث الله ريحا فصفقت الماء فأبرزت عن حشفة في موضع البيت كأنها قبة . فدحا الله عز وجل الأرض من تحتها فمادت ثم مادت . فأوتدها الله تعالى بالجبال ، فكان أول جبل وضع فيها أبو قبيس ، فلذلك سميت مكة أم القرى وعنه يرفعه إلى مجاهد أنه قال : لقد خلق الله عز وجل موضع هذا البيت قبل أن يخلق شيئاً من الأرض بألفي سنة ، وإن قواعده لفي الأرض السابعة السفلى .
ذكر بناء الملائكة الكعبة قبل خلق آدم عليه السلام ، ومبدأ الطواف
وقال أبو الوليد الأزرقي ، يرفعه إلى على بن الحسين رضي الله عنهما إنه أتاه سائل يسأله ، فقال له : عم تسأل ؟ فقال : أسألك عن بدء الطواف بهذا البيت لم كان ؟ وأنى كان ؟ وحيث كان ؟ وكيف كان بالحجر ؟ فقال له : نعم ، ومن أين أنت ؟ فقال : من أهل الشام . فقال : أين مسكنك ؟ قال : في بيت المقدس . فهل قرأت الكتابين ؟ " يعني التوراة والإنجيل " . قال له الرجل : نعم . فقال له : يا أخا أهل الشام احفظ ، ولا تروين عني إلا حقا : أما بدء هذا الطواب بهذا البيت ، فإن اله تعالى قال للملائكة : " إني جاعل في الأرض خليفةً " ، قالت الملائكة : أي رب ، أخليقة من غيرنا : ممن يفسد فيها ويسفك الدماء ويتحاسدون ، ويتباغضون ، ويتنازعون ؟ أي رب ، اجعل ذلك الخليفة منا ، فنحن لا نفسد فيها ، ولا نسفك الدماء ، ولا نتباغض ، ولا نتحاسد ، ولا نتباغى ؛ ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ، ونطيعك ولا نعصيك . قال الله تبارك وتعالى : " إني أعلم ما لا تعلمون " . قال : فظنت الملائكة أن ما قالوه رد على ربهم عز وجل وأنه قد غضب من قولهم ، فلاذوا بالعرش ، ورفعوا رءوسهم ، وأشاروا بالأصابع يتضرعون ويبكون إشفافا لغضبه . فطافوا بالعرش ثلاث ساعات فنظر الله عز وجل إليهم ، فنزلت الرحمة عليهم ، فوضع الله سبحانه