كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)
"""""" صفحة رقم 280 """"""
الأرض . وهو مثل الفلك من رعدته . قال : فطأطأ الله عز وجل منه إلى الأرض ستين ذراعا ، فقال : مالي لا أسمع أصوات الملائكة ولا حسهم ؟ قال : خطيئتك يا آدم ، ولكن اذهب فابن لي بيتاً تطف به واذكرني حوله كنحو ما رأيت الملائكة تصنع حول عرشي ، قال : فأقبل آدم عليه السلام يتخطى ، فطويت له الأرض وقبضت له المفاوز ، فصارت كل مفازة يمر بها خطوة ، وقبض له ما كان فيها من مخاض أو بحر فجعله خطوة ، ولم يقع قدمه في شيء من الأرض إلا صار عمرانا وبركة حتى انتهى إلى مكة . فبنى البيت الحرام . وإن جبريل عليه السلام ضرب بجناحه الأرض فأبرز عن أس ثابت في الأرض السفلى فقذفت الملائكة فيه الصخر ، ما يطيق الصخرة منها ثلاثون رجلاً . وإنه بناه من خمسة أجبل : من لبنان ، وطورزيتا ، وطورسينا ، والجودى ، وحراء ، حتى استوى على وجه الأرض .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : فكان أول من أسس البيت وصلى فيه وطاف به ، آدم عليه السلام . حتى بعث الله سبحانه الطوفان ، فدرس موضع البيت في الطوفان . حتى بعث الله تبارك وتعالى إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ، فرفعا قواعده وأعلامه . ثم بنته قريش بعد ذلك . وهو بحذاء البيت المعمور ، لو سقط ، ما سقط إلا عليه . وقال أبو الوليد أيضا ، ورفعه إلى وهب بن منبه : إن الله تبارك وتعالى لما تاب على آدم عليه السلام ، أمره أن يسير إلى مكة . فطوى له الأرض وقبض له المفاوز ، فصارة كل مفازة يمر بها خطوة ، وقبض له ما كان فيها من مخاض ماء أو بحر