كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)
"""""" صفحة رقم 305 """"""
الله تعالى أن يصلي نحو صخرة بيت المقدس ليكون أقرب إلى تصديق اليهود إياه إذا صلى إلى قبلتهم مع ما يجدون من تعيينه في التوراة .
هذا قول عامة المفسرين ، على ما حكاه الثعلبي عنهم .
وقال عبد الرحمن بن زيد : قال الله تعالى لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) : " فأينما تولوا فثم وجه الله " ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : هؤلاء يهود يستقبلون بيتا من بيوت الله . فاستقبله النبي ( صلى الله عليه وسلم ) . قالوا جميعا : فصلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه نحو بيت المقدس سبعة عشر شهرا ، وكانت الأنصار قد صلت قبل بيت المقدس ستين يوما ، قبل قدوم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) .
وكانت الكعبة أحب القبلتين إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) .
واختلفوا في السبب الذي كان عليه الصلاة والسلام من أجله يكره قبلة بيت المقدس ويهوى قبلة الكعبة .
فقال ابن عباس رضي الله عنهما : لأنها كانت قبلة أبيه إبراهيم عليهما السلام .
وقال مجاهد : من أجل أن اليهود قالوا : يخالفنا محمد في ديننا ، ويتبع قبلتنا ؟ ؟ وقال مقاتل بن حيان : لما أمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن يصلي نحو بيت المقدس ، قالت اليهود : يزعم محمد أنه نبي ، وما نراه أحدث في نبوته شيئا ؟ أليس يصلي إلى قبلتنا ويستسن بسننا ؟ فإن كانت هذه نبوة . فنحن أقدم وأوفر نصيبا .
فبلغ ذلك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فشق عليه وزاده شوقا إلى الكعبة .
وقال ابن زيد : لما استقبل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) نحوالبيت المقدس ، بلغه أن اليهود تقول : والله ما درى محمد وأصحابه أين قبلتهم حتى هديناهم ، قالوا جميعا : فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لجبريل : وددت أن الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها ، فإني أبغضهم وأبغض مواقفهم ، فقال جبريل : إنما أنا عبد مثلك ، ليس لي من الأمر شيء ، فسل ربك ، فعرج جبريل . وجعل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يديم النظر إلى السماء رجاء أن ينزل جبريل بما يحب من أمر القبلة . فأنزل الله عز وجل : " قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك " الآية .