كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)
"""""" صفحة رقم 321 """"""
وأما ما ورد فيها من الحديث النبوي صلوات الله وسلامه على قائله فقد روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : ستفتح عليكم بعدي مصر ، فاستوصوا بقبطها خيراً فإن لهم ذمة ورحما وعنه ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا بها جندا كثيفا ، فذلك الجند خير أجناد الأرض فقال أبو بكر رضي الله عنه : ولم يا رسول الله ؟ فقال : لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة وعنه ( صلى الله عليه وسلم ) ، وذكر مصر : ما كادهم أحد إلا كفاهم الله مؤونته .
وتكررت الأحاديث في فضلها .
وقال عبد الله بن عمرو : وأهل مصر أكرم الأعاجم كلها ، وأسمحهم يدا ، وأفضلهم عنصرا ، وأقربهم رحماً بالعرب عامة وبقريش خاصة .
وقال أيضا : لما خلق الله عز وجل آدم ، مثل له الدنيا : شرقها ، وغربها ، وسهلها ، وجبلها ، وأنهارها ، وبحارها ، وبناءها ، وخرابها ، ومن يسكنها من الأمم ، ومن يملكها من الملوك . فلما رأى مصر ، رآها أرضاً سهلةً ذات نهر جار ، مادته من الجنة ، تنحدر فيه البركة ، ورأى جبلا من جبالها مكسوا نورا لا يخلو من نظر الرب عز وجل إليه بالرحمة . في سفحه أشجار مثمرة ، فروعها في الجنة تسقي بماء الرحمة . فدعا آدم في النيل بالبركة ، ودعا في أرض مصر بالرحمة والبر والتقوى ، وبارك على نيلها وجبلها سبع مرات . ثم قال : " يا أيها الجبل المرحوم ، سفح جنة وتربتك مسكة تدفن فيها عرائس الجنة ، أرض حافظة مطبقة رحيمة ، لا خلتك يا مصر بركة ، ولا زال بك حفظ ، ولا زال منك ملك وعز ، يا أرض مصر فيك الخباء والكنوز ، ولك البر والثروة ، سال نهرك عسلا . كثر الله زرعك ، ودر ضرعك ، وزكا نباتك ، وعظمت بركتك وخصبت ، ولا زال فيك يا مصر خير ما لم تتجبري وتتكبري أو تخوني ، فإذا فعلت ذلك عراك شر ، ثم تغور خيرك " .