كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 333 """"""
ومن عجائبها أيضا ، أن التمر يكون مصبوباً في بيادره فلا يقع عليه شيء من الذباب ولا في الليل ولا في النهار .
وأهل البصرة يتخذون المظلات على التمر والعجوة خوفا عليها من الخفاش . ومن عادة الذباب الفرار من الشمس إلى الظل ، فلا يوجد في تلك الظلال شيء منه البتة . فيتوهم المتوهم أن هاتين الحالتين من طلسم ، له من الخاصية ما يمنع الغربان والذباب .
وليس كذلك ، وإنما هو من حماية الله ووقايته ووصف خالد بن صفوان البصرة ، فقال : منابتها قصب ، وأنهارها عجب ، وسماؤها رطب ، وأرضها ذهب .
وفي الكوفة عدم الوفاء
وأما بغداد وما اختصت به
فإنه يقال إنها جنة الأرض ، ومجتمع الوافدين : دجلة والفرات ، وواسطة الدنيا ، ومدينة السلام ، وقبة الإسلام ، لأنها غرة البلاد ، ودار السلام والخلافة ، ومجمع الطرائف والطيبات ، ومعدن المحاسن واللطائف ، وبها أرباب النهايات في كل فن ، وآحاد الدهر في كل نوع .
وكان أبو إسحاق الزجاج يقول : بغداد حاضرة الدنيا ، وما عداها بادية .
وكان أبو الفضل بن العميد إذا طرأ عليه أحد وأراد امتحان عقله سأله عن بغداد . فإن فطن لفضائلها وخواصها ، جعل ذلك مقدمة فضله وعنوان عقله .

الصفحة 333