كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 345 """"""
من كان ذا شاء وبعير وجمل غير شرود ، فليلحق بالعشب من كوفان ، فلحقت به همذان ؛ ومن كان ذا سياسة وصبر على أزمات الدهر فليلحق ببطن مر ، فلحقت به خزاعة . ومن كان يريد الراسخات في الوحل ، المطعمات في المحل ، فليلحق بيثرب ذات النخل ، فلحقت بها بنو قيلة ، وهم الأوس والخزرج ؛ ومن كان يريد الخمر والخمير والأمر والتأمير فليلحق ببصرى وسدير " وهي من أرض الشام " ، فلحقت به غسان ؛ ومن كان يريد الثياب الرقاق ، والخيول العتاق ، والذهب والأوراق ، فليلحق بالعراف ، فلحقت به لخم ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
الباب الثالث من القسم الخامس من الفن الأول " في المباني القديمة "
والمباني القديمة كثيرة ، فلنذكر منها ما عظم خطره ، وشاع في الآفاق ذكره
ذكر أول بناء وضع على وجه الأرض
قيل : أول ما بني على وجه الأرض الصرح ويسمى المجدل بناه النمرود الأكبر ابن كوش بن حام بن نوح ، بكوثي ربي من أرض بابل . قيل : وبها إلى هذا العصر من أثره كالجبال . وكان طوله في الهواء خمسة آلاف ذراع ، وعرضه ثلاثة آلاف ذراع . وكان مبينا بالحجارة والرصاص والكلس والشمع واللبان . بناه ليمنعه وقومه من بأس الله عز وجل . وكان قد كفر وطغى وادعى الألوهية ، فأرسل الله تعالى إليه جبريل ، فضربه بخافقة جناحه فهدمه ، وهام من كان حوله على وجهه ، وقد تبلبلت ألسنتهم من الدهش والذعر ، فكانت عنه هذه اللغات التي

الصفحة 345