كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)
"""""" صفحة رقم 348 """"""
سبعة وعشرين يوما في تخوم بلاد بسجرت إلى أن وصلنا إلى أرض سوداء طويلة ممتدة كريهة الرائحة ، فشققناها في عشرة أيام . وكنا قد تزودنا لقطعها أشياء نشمها خوفا من أذى روائحها الكريهة . ثم انفصلنا عنها فسرنا مدة شهر في بلاد خراب قد درست أبنيتها ولم يبق منها إلا رسوم يستدل بها عليها . فسألنا من معنا عن تلك المدن ، فأخبرونا أنها المدن التي كان يأجوج ومأجوج يغزونها ويخربونها . ثم سرنا إلى حصون بالقرب من الجبل الذي في شعبة السد وذلك في ستة أيام . وفي تلك الحصون قوم يتكلمون بالعربية والفارسبة . وهناك مدينة يدعى ملكها خاقان بن أدكش ، وأهلها مسلمون لهم مساجد ومكاتب ، فسألونا من أين أقبلنا ، فأخبرناهم أنا رسل أمير المؤمنين الواثق بالله ، فعجبوا منا ومن قولنا أمير المؤمنين ثم سألونا عن أمير المؤمنين : أشيخ هو أم شاب ؟ فقلنا : شاب ، فعجبوا أيضا . ثم قالوا : وأين يكون ؟ قلنا : هو بالعراق بمدينة سر من رأى . فعجبوا أيضا من ذلك ، وقالوا : ما سمعنا هذا قط . فسألناهم عن إسلامهم من أين وصلهم ومن علمه لهم ؟ فقالوا : وصل إلينا منذ أعوام كثيرة رجل راكب على دابة طويلة العنق طويلة اليدين والرجلين ، لها في موضع صلبها حدبة ، " فعلمنا أنهم يصفون الجمل " قالوا : فنزل بنا وكلمنا بكلام فهمناه ، ثم علمنا شرائع الإسلام فقبلناها ، وعلمنا أيضا القرآن ومعانيه فتعلمناه وحفظناه . قال سلام : ثم خرجنا بعد هذا إلى السد لنبصره ، فسرنا عن المدينة نحوا من فرسخين ، فوصلنا إلى السد . فإذا جبل مقطوع بواد عرضه مائة وخمسون ذراعا ، وله في وسط هذا الفناء باب من حديدطوله خمسون ذراعا قد اكتنفه عضادتان ، عرض كل عضادة منهما خمسة وعشرون ذراعا . والظاهر من تحتها عشرة أذرع خارج الباب . وكله مبنى بلبن الحديد مغيب بالنحاس . وارتفاع العضادتين خمسون ذراعا ، وعلى أعلى العضادتين دروند حديد ، طوله مائة وعشرون ذراعا ، والدروند للعتبة العليا ، وقد ركب منها على كل واحدة من العضادتين مقدار عشرة أذرع . ومن فوق الدروند بنيان متصل بلبن الحديد المغيب بالنحاس إلى رأس الجبل ، وارتفاعه مد البصر . وفوقه شرافات حديد ، في طرف كل شرافة قرنتان تنثني أطراف كل واحدة منهما على الأخرى ، وللباب مصراعان مغلقان ، عرض كل مصراع خمسون ذراعا في ثخن خمسة أذرع ؛ وقائمتاهما في دوارة على قدر الدروند . وعلى الباب قفل طوله سبعة أذرع في غلظ ذراع في الاستدارة ؛ وارتفاع القفل من الأرض خمسة وعشرون ذراعا . وفوق