كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)
"""""" صفحة رقم 351 """"""
ومبدأ السور من جوف بحر الخزر على مقدار مسافة ميل مارا إلى البر ، ثم يمر إلى أن يتصل بقلعة طبرشروان . وهو مبنى بالصخر والحديد والرصاص . بناه على زقاق البقر المنفوخة ، فكان كلما ارتفع البناء نزلت تلك الزقاق إلى أن استقرت في قعر البحر ، فغاصت الرجال بالخناجر فشقوها فتمكن البناء . وجعل بين كل ثلاثة أميال من السور وأقل وأكثر بابا من الحديد على حسب الطريق التي تجعل من أجله ، وبنى عليه حصنا وأسكن فيه من يحفظ ذلك الباب ويحرسه .
وزعم المؤرخون أن سبب بناؤه لهذا السور أن الخزر كانت تغير على بلد فارس إلى أن تبلغ همذان والموصل ، فحجزهم بهذا السور .
ومن مباني الفرس إيوان كسرى
زعم المسعودي أن سابور ذا الأكتاف بناه في نيف وعشرين سنة ، وطوله مائة ذراع في عرض خمسين ذراعا في ارتفاع مائة ذراع ، وطول كل شرفة منه خمسة عشر ذراعا . ولما ملك المسلمون المداين ، أحرق ستر هذا الإيوان فأخرجوا منه مائة ألف دينار ذهبا .
ولما بنى المنصور بغداد أحب أن ينقضه ويبنيها به ، فاستشار خالد بن برمك في ذلك فنهاه ، وقال : هو آية للإسلام ، ومن رآه علم أن الذي بناه لا يزيل ملكه إلا نبي والمؤون على نقضه اكثر من الارتفاق به . فقال له : أبيت إلا ميلا إلى العجم فهدمت منه ثلمة . فبلغت النفق عليها مالا كثيرا ، فأمسك المنصور عن هدمه ، فقال له خالد : أنا الآن ، يا أمير المؤمنين ، أشير بهدمه لئلا يتحدث الناس بعجزك عن هدم ما بناه غيرك فلم يفعل .