كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 1)
"""""" صفحة رقم 357 """"""
بناها النعمان بن امرئ القيس ، وهو النعمان الأكبر . ويقال في سبب بنائه لهما : إن يزد جرد بن سابور كان لا يعيش له ولد ، فسأل عن مكان صحيح الهواء ، فذكر له ظهر الحيرة . فدفع ابنه بهرام جور إلى النعمان وأمره ببناء الخورنق . فبناه على نهر سنداد في عشرين سنة . بناه له رجل يسمى سنمار .
فلما فرغ من بنائه ، عجب النعمان من حسن بنائه واتقانه ، فأمر أن يلقي سنمار من اعلاه حتى لا يبني مثله لأحد . ويقال إنه إنما فعل ذلك به لأنه لما أعجبه ، شكره على عمله ووصله ، فقال : لو علمت أن الملك يحسن إلي هذا الإحسان ، لبنيت له بناء يدور مع الشمس كيفما دارت ، فقال له النعمان : وإنك لتقدر على أن تبني أفضل منه ، ولم تبنه ؟ فأمر به ؛ فطرح من أعلاه .
وقيل : بل قال : أنا أعرف فيه حجرا متى أخذ من موضعه ، تداعى البناء . فخاف النعمان إن هو لم ينصفه في أجرته فعل ذلك . فقتله .
والعرب تضرب المثل بفعل النعمان مع سنمار في المكافأة على الفعل الحسن بالقبيح ، فيقال : جازاه مجازاة سنمار .
وفيه يقول بعض الشعراء :
جزاني جزاه الله شر جزائه . . . جزاء سنمارٍ ، وما كان ذا ذنب .
سوى رفعه البنيان عشرين حجةً . . . يعلي عليه بالقراميد والسكب .
والخورنق تعريب خورنقاه ، وهو الموضع الذي يؤكل فيه ويشرب . والسدير تعريب سادل أي قبة في ثلاث قباب متداخلة .
وفي هذه الأبنية يقول الأسود ابن يعفر :
ماذا أؤمل بعد آل محرقٍ . . . تركوا منازلهم ، وبعد إياد ؟
أهل الخورنق والسدير وبارقٍ . . . والقصر ذي الشرفات من سنداد .